للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا نفق نقدٌ طُبع على غير السِّكة (١) النبوية!

هل يُعلم للصوفية عمل في إباحة دمٍ أو فرجٍ، أو تحريم معاملةٍ، أو فتوى معمول بها في عبادةٍ أو معاقدةٍ؟ أو للمتكلمين بحكم الكلام حاكم ينفذ حكمه في بلدٍ أو رستاق (٢)؟ أو تُصيب للمتوهمة فتاوى وأحكامًا؟ إنما أهل الدولة الإسلامية والشريعة المحمدية: المُحدِّثون والفقهاء، هؤلاء يروون أحاديث الشرع، وينفون الكذب عن النقل، ويحمون النقل عن الاختلاف والغلط. وهؤلاء ينفون عن الأخبار تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، وهؤلاء هم الذين عدَّلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ» (٣).

فهم العدول على سائر الطوائف؛ يُقبل


(١) السِّكَّة: الحديدة التي تُضرب عليها الدنانير والدراهم، وتطلق على الدنانير والدراهم أيضًا. ينظر «النهاية في غريب الحديث» (٢/ ٣٨٤).
(٢) الرستاق: معرب، ويستعمل في الناحية التي هي طرف الإقليم. «المصباح المنير» (١/ ٢٢٦).
(٣) رواه ابن وضاح في «البدع والنهي عنها» (١، ٢) والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٣٨٨٤) والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (٦/ ١٣٢) وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (٢/ ١٧) والآجري في «الشريعة» (١، ٢) والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٠/ ١٠٩) والخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (٥٥) وابن عبد البر في «التمهيد» (١/ ٥٨ - ٥٩) عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري مرسلًا. والحديث روي موصولًا عن عدة من الصحابة - رضي الله عنهم -. وقد ذكر المصنِّف كثيرًا من طرقه في «مفتاح دار السعادة» (١/ ٤٦٣ - ٤٦٧). وقال العقيلي: «وقد رواه قومٌ مرفوعًا من جهةٍ لا تثبت». وقال عبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الوسطى» (١/ ١٢١): «وأحسن ما في هذا ـ فيما أعلم ـ مرسل إبراهيم بن عبد الرحمن العذري». وقال العراقي في «التقييد والإيضاح» (ص ١١٦): «قد روي هذا الحديث متصلًا من رواية جماعة من الصحابة ـ علي بن أبي طالب، وابن عمر، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، وجابر بن سمرة، وأبي أمامة ـ وكلها ضعيفة لا يثبت منها شيءٌ، وليس فيها شيءٌ يقوي المرسل المذكور» .. وقال ابن حجر في «الإصابة» (١/ ٤٢٩): «وقد أورد ابن عدي هذا الحديث من طرقٍ كثيرةٍ كلها ضعيفة». وقال السخاوي في «الغاية في شرح الهداية» (ص ٦٤): «وهو من جميع طرقه ضعيفٌ، كما صرَّح به الدارقطني وأبو نعيم وابن عبد البر، لكن يمكن أن يتقوى بتعددها، ويكون حسنًا، كما جزم به العلائي».