للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جموعه ـ فعنده صولة الحق، وهيبة المُلْك.

وكذلك الغريب المداوي للناس ـ بزعمه ـ مع الطبيب المقيم. هذا مجتازٌ يطلب من الأدوية ما يُسكِّن الألم في الحال، ويضع على الأمراض الأدوية الحادة (١) العاملة بسرعةٍ، فيأخذ الخِلْعة (٢) والعطية لسكون الألم وإزالة [ق ١٠٨ ب] المرض، ويُصبح على أرض أخرى ومنزلٍ بعيدٍ. فطبُّه مجازفة؛ لأنه يأمن المعاتبة والمواقفة (٣)، والأطباء المقيمون يُلامون على تطويل العلاج، وإنما سلكوا الملاطفة بالأدوية المركبة دون الحارة؛ لأن الحارة من الأدوية وإن عجلت سكون الآلام فإنها غير مأمونة الغوائل ولا سليمة العواقب؛ لأن ما يعطي الأدوية الحارة من السكون إنما هو لغلبة المرض، وحيثما غلبت الأمراض أوهنت (٤) قوى المحل الذي حلت به، فهو كما قيل: الدواء للبدن كالصابون للثوب يُنقيه ويُبليه، كذلك كلما احتد الصابون وجاد أخلق الثوب.

فكذلك الفقهاء والمُحدِّثون يقصرون عن الاستقصاء في إزالة الشبهة لأنهم عن النقل يتكلمون، وللخوف على قلوب العوام من الشكوك يقصرون القول ويحففون (٥)، فهم حال الأجوبة ينظرون في العواقب، والمبتدعة والمتوهمة يهجمون، فعلومهم فرح ساعةٍ، ليس لها ثباتٌ.


(١) «ح» هنا وفي المواضع التالية: «الحارة». والمثبت من «درء التعارض».
(٢) الخِلْعة: ما يعطيه الإنسان غيره من الثياب منحة. «المصباح المنير» (١/ ١٧٨ (.
(٣) «ح»، «درء التعارض»: «الموافقة». ولعل المثبت هو الصواب.
(٤) «ح»: «أوهشت». وفي «درء التعارض»: «أوهت». والمثبت بمعناه.
(٥) «ح»: «يحققون». وفي «درء التعارض»: «ويقللون». والمثبت بمعناه.