وكذلك ذكر الآية الأخرى في سياق خطابه للمشركين ولمنكري آياته كقوله:{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ اُلْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ}[الزمر: ٥١] إلى قوله: {بَلَى قَد جَّاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاَسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ اَلْكَافِرِينَ}[الزمر: ٥٦] إلى قوله: {وَمَا قَدَرُوا اُللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَاَلْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ}[الزمر: ٦٤] فكان هذا ردًّا على المشركين والمعطلين الجاحدين لتوحيده ولصفاته، كما كان ذلك ردًّا على منكري كتبه ورسله، وهذان أصلَا الإسلام: شهادة أن لا إله إلَّا الله، وأن محمدًا رسول الله.
وهذا الذي وصف به نفسه هاهنا يتضمن من اقتداره على تغيير (١) العالم وتبديله ما يبطل قول أعدائه الملاحدة المكذبين بالمبدأ والمعاد، أئمةِ هؤلاء المعارضين للوحي بالعقل والرأي.
وقال تعالى في آية الحج: {إِنَّ اَلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اِللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اِجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ اُلذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ اَلطَّالِبُ وَاَلْمَطْلُوبُ (٧١) مَا قَدَرُوا اُللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اَللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٧٢) اِللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ اَلْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ اَلنَّاسِ} [الحج: ٧١ - ٧٣] فما قدره حقَّ قدره من عبد من دونه من لا يخلق ذبابًا واحدًا، وإن سلبه الذباب شيئًا ممَّا عليه من خَلوقٍ وغيره لم يقدر على استنقاذه منه، ولا يكون أضعف من هذا الإله وعابده، فكيف يُعبد من دون من له القوة كلها والعزة كلها؟ ولمَّا كان هذا من جهلهم بالله وترك تعظيمه الذي ينبغي له، قال كثيرٌ من المفسرين في معنى ذلك: ما عظَّموه حقَّ عظمته. وقال بعضهم: ما عرفوه حقَّ معرفته. وقال بعضهم: ما