للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللغة. والناس أول ما يسمعون تلك الألفاظ إنما يفهمون منها (١) معناها اللغوي، فيوافقونهم على النفي تعظيمًا لله وتنزيهًا له؛ ومرادهم نفي المعنى العام الذي اصطلحوا عليه، وقد جمعوا في ذلك تحريف لغة العرب عن مواضعها وتحريف كلام الله ورسوله عن مواضعه، ولبس الحق بالباطل في النفي والإثبات.

فمعرفة (٢) مراد هؤلاء وكلامهم من تمام مقاصد الدِّين، ليتمكن أهل السُّنَّة والحديث مِن ردِّ باطلهم وتبيين إفكهم. وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - زيد بن ثابت أن يتعلم كتاب اليهود؛ فكان يكتب له كتبهم، ويقرأ له كتبهم (٣). وسأل رجلٌ عبدَ الله بن عمر عن الأنبذة، وقال: أخبِرْني عنها بِلُغتكم وفسِّرْها لي بلغتنا، فإن لكم لغةً ولنا لغةً. فذكرها ابن عمر باللفظ الذي قاله النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم فسَّرها بلغة السائل (٤).

فنقول: أنتم في هذا المقام، إنما نظركم في المعاني العقلية، لا في إطلاق الألفاظ، فإن أهل السُّنَّة والحديث أعلمُ بذلك منكم، وأولى بمراعاة الألفاظ الشرعية، وهم أبعدُ عن أن يصفوا الله إلَّا بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله منكم، فما مقصودكم [مِن] (٥) نفي الشهوة والنفرة واللذة والألم


(١) «ح»: «منهما».
(٢) «ح»: «فمعروف». والمثبت هو الصواب.
(٣) علَّقه البخاري في «صحيحه» (٧١٩٥)، ووصله الإمام أحمد (٢٢٠١٩) وأبو داود (٣٦٤٥) والترمذي (٢٧١٥) عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه -. وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح، وقد رُوي من غير هذا الوجه عن زيد بن ثابت».
(٤) أخرجه مسلم (١٩٩٧).
(٥) سقط من «ح».