للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحكمته (١)، فإنه لا يشرك في حكمه أحدًا كما لم يشركهم في علمه وقدرته وملكه وربوبيته. وحينئذٍ فتسليمك هذه الحكمة ـ التي لا سبيل للمخلوقين إلى مشاركة (٢) الخالق فيها البتة ـ قد عادت على (٣) أسولتك الفاسدة [ق ١٣٤ ب] بالنقض والإبطال.

وإن رجعت عن الإقرار له سبحانه بالحكمة وقلت: إنه لا يفعل لحكمة البتة، بل لا يُسأل عمَّا يفعل وهم يسألون؛ فما وجه إيراد هذه الأسولة على من لم يفعل بحكمةٍ ولا يُسأل عمَّا يفعل؟ فقد أوردت الأسولة على من لا يُسأل عمَّا يفعل، وطعنت في حكمة مَنْ كلُّ أفعاله حكمةٌ ومصلحةٌ وعدلٌ وخيرٌ بمعقولك الفاسد وعقلك الصغير الذي آثرت به داعي الكبر والكفر على داعي العبودية والإيمان. يوضحه:

الوجه الرابع: وهو أنك قد كشفت للخلائق عن محصول علمك ومعرفتك، وقدر عقلك الذي صرت به ضُحْكةً لهم، وسخرية على ألسنتهم، فإنك انتصرت لنفسك ورياستك، ودلك عقلك على أن عزَّك في معصيتك، ورياستك في إبائك من السجود، وكان هذا أعظم أسباب ذُلِّك وخيبتك، ويأسك من روح الله، وبُعدك من رحمته، وطردك من جنته، ومباءتك بلعنته، فأضعت عزَّك، وأخملت شرفك، ووضعت قدرك من حيث زعمت أنك تحفظه، فكنت كآكل السم الذي فيه تلافه ليحفظ به قوته وصحته، ثم رضيت


(١) «ح»: «جعل حكمته». ولعل المثبت هو الصواب.
(٢) «ح»: «لما يشاركه». والمثبت هو الصواب، بدليل أنه في «م»: «إلى المشاركة» دون لفظ «الخالق».
(٣) «ح»: «عليه». والمثبت من «م».