للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يمنعني بل مكنني (١) وأبقاني وسلَّطني لزم القدح في حكمته. فهذا غاية ما عند تلامذة عدو الله وأصحابه، وهو الذي أوحاه إليهم، وألقاه على ألسنتهم، وجعله دائرًا بينهم.

وحينئذ فيقال له: هذا إنكارٌ منك لما عُلم بالضرورة التي هي فوق كل ضرورة، من وجود ربِّ العالمين وإله من في السماء والأرض الذي هو بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وهو أحكم الحاكمين، فإنكارُ علمه وحكمته وقدرته جحدٌ وإنكارٌ (٢) له ونفيٌ أن يكون لك (٣) أو للعالمين ربٌّ عليمٌ مدبِّرٌ حكيمٌ، فإن الجاهل العاجز السفيه لا يكون ربًّا ولا إلهًا، فلا تتم لك هذه الأسولة إلَّا بقول أخيك وشقيقك فرعون: {وَمَا رَبُّ اُلْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٢٢] وقوله: {يَاأَيُّهَا اَلْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص: ٣٨] فإن عدو الله علم أنه إن أقرَّ بوجود فاطر السماوات والأرض وبصفاته وعلوه فوق العالم وتكليمه لموسى أوجب عليه هذا الإقرارُ الانقيادَ والعبوديةَ والإيمانَ بموسى، فلم يجد بُدًّا من إنكار الربِّ وعدم الإقرار به. وهكذا هذه الأسولة لا تتوجه (٤) إلَّا مع إنكاره سبحانه وجحوده، وإلا فمع الإقرار بأنه بكل شيءٍ عليمٌ وعلى كل شيءٍ قديرٌ وأنه أحكم الحاكمين فلا تتوجه البتة، وهذا حقيقة الربِّ. وحينئذٍ فنقول في:

الوجه السابع: أن مثل هذا النمط من الاعتراضات والأسولة فاسدٌ عند


(١) «ح»: «ملتني». ولعل المثبت هو الصواب.
(٢) «ح»: «جحدوا إنكارا».
(٣) «ح»: «ذلك».
(٤) «ح»: «تتواجا».