للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإذعان لعبوديته والانقياد لحكمته، فلا يجتمع مع تصريحك بالعداوة والكفر والاستكبار عن طاعته؛ فإن معصيتك له وقد أمرك منه إليك بلا واسطة أعظم من استكبار من استكبر عن طاعته التي أمر بها على ألسنة رسله. فإذا آثرت الكفر والاستكبار والعداوة، فكيف سألت (١) مسائل المسترشد المهتدي؟! فالسؤال نوعان: إمَّا سؤال جاهلٍ بالحكمة في

طلب معرفتها، وإمَّا سؤال قادحٍ في الحكمة بما يبطلها وينقضها. وحينئذٍ فنقول في:

الوجه التاسع: لا تتوجه هذه الأسولة على واحدة من (٢) الطريقتين. أمَّا على الطريقة الأولى فلأن الاستعداد والقبول لمعرفة تفاصيل الحكمة يكون شرطًا في قبول الأسولة والجواب عنها، والقوى البشرية ليست مستعدةً للعلم بتفاصيل حكمة الله في خلقه وأمره. وحينئذٍ فيكون بيان تفاصيل الحِكَم عبثًا ضائعًا وهو منافٍ للحكمة، وأمَّا على الطريقة الثانية، فلأن أسولته تتضمن قدح العبد في الربِّ، والمخلوق في الخالق، والجاهل في العالم، والسفيه في الحكيم؛ [فهي] (٣) من أبطل الأسولة، ولا يحتاج في بيان بطلانها إلى أكثر من ذلك. يوضحه:

الوجه العاشر: أن مبنى العبودية والإيمان بالله وكتبه ورسله على التسليم وعدم الأسولة عن تفاصيل الحكمة في الأوامر والنواهي والشرائع، ولهذا لم يحك الله سبحانه عن أُمة نبيٍّ صدَّقت نبيها وآمنت بما جاء به أنها سألته عن


(١) «ح»: «سأل».
(٢) «ح»: «بين».
(٣) «فهي» ليس في «ح».