للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأصل وضاده كان دليلًا على بطلانه. يوضحه:

الوجه الرابع عشر: وهو أن الربَّ سبحانه له الأسماء الحسنى، وأسماؤه متضمنة لصفات كماله، وأفعاله ناشئة عن صفاته؛ فإنه سبحانه لم يستفد كمالًا بأفعاله، بل له الكمال التام المطلق، وفعاله عن كماله، والمخلوق كماله عن فعاله؛ فإنه فعل فكمُل بفعله.

وأسماؤه الحسنى تقتضي آثارها وتستلزمها استلزام المقتضي الموجِب لموجَبه ومقتضاه، فلا بد من ظهور آثارها في الوجود؛ فإن من أسمائه الخلَّاق المقتضي لوجود الخلق، ومن أسمائه الرزَّاق المقتضي لوجود الرِّزق والمرزوق، وكذلك الغفَّار والتوَّاب والحكيم والعفوُّ، وكذلك الرحمن الرحيم، وكذلك الحَكَم العدل إلى سائر الأسماء. ومنها الحكيم المستلزم لظهور حكمته في الوجود، والوجود متضمن لخلقه وأمره {أَلَا لَهُ اُلْخَلْقُ وَاَلْأَمْرُ تَبَارَكَ اَللَّهُ رَبُّ اُلْعَالَمِينَ} [الأعراف: ٥٣].

فخلقه وأمره صدرا عن حكمته وعلمه، وحكمته وعلمه اقتضيا ظهور خلقه وأمره. فمصدر الخلق والأمر عن هذين الاسمين المتضمنين لهاتين الصفتين. ولهذا يقرن (١) سبحانه بينهما [عند] (٢) ذكر إنزال كتابه، وعند ذكر ملكه وربوبيته؛ إذ هما مصدر الخلق والأمر. ولمَّا كان سبحانه كاملًا في جميع أوصافه، ومن أجلِّها حكمته (٣) كانت عامة التعلق بكل مقدورٍ، كما أن علمه عام التعلق بكل معلومٍ، ومشيئته عامة التعلق بكل موجودٍ، وسمعه وبصره عام


(١) «ح»: «يفرق».
(٢) سقط من «ح».
(٣) «ح»: «كلمته». ولعل المثبت هو الصواب.