للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك استنبطوا بناء الأقباء (١) من ظهره، فإنهم وجدوه يحمل ما لا يحمله غيره، فتأملوا ظهره فإذا هو كالقبو، فعلموا أن القبو يحمل ما لا يحمله السطح (٢).

وكذلك ما استنبطه الحذاق لمن (٣) كَلَّ [ق ١٣٦ ب] بصره أن يُديم النظر إلى إجَّانة (٤) خضراء مملوءة (٥) ماءً استنباطًا من حكمة الخلاق العليم في لون السماء، فإن لونها أشد الألوان موافقةً للبصر وتقويته، فجعل أديمها (٦) بهذا اللون لتمسك الأبصار ولا تنكأ فيها (٧) بطول مباشرتها لها، ومن هذا استنبط الأطباء لمن أصابه سوءٌ في بصره إدمان النظر إلى الخُضرة (٨).

وإذا فكرت في طلوع الشمس وغروبها لإقامة دولتي الليل والنهار، ولولا طلوعها لبطل أمر هذا العالم، فكم في طلوعها من الحِكَم والمصالح، وكيف كان حال الحيوان لو أُمسكت عنهم، وجُعل الليل عليهم سرمدًا والدنيا مظلمة عليهم، فبأي نور كانوا يتصرفون وينقلبون؟ وكيف كانت تنضج ثمارهم وتكمل أقواتهم وتعتدل صورهم وأبدانهم؛ فالحِكَم في


(١) الأقباء: جمع القبو، وهو الطاق المعقود بعضه إلى بعض في شكل قوس. «المعجم الوسيط» (٢/ ٧١٣).
(٢) ينظر «مفتاح دار السعادة» للمصنف (٢/ ٦٧٤ - ٦٧٥).
(٣) «م»: «لكل من».
(٤) الإجَّانة بالتشديد: إناء يُغسل فيه الثياب. «المصباح المنير» (١/ ٦).
(٥) «ح»: «مملوءة خضر». والمثبت من «م».
(٦) أديم السماء: ما ظهر منها. «لسان العرب» (١٢/ ١١).
(٧) أي: لا تؤذيها.
(٨) ينظر «مفتاح دار السعادة» للمصنف (٢/ ٥٨٩).