للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يلقح الذكر الأنثى، فيحمل الماء من وقته. فإذا كان بروز الحمل وانفصاله أرسل عليه الريح الذارية، فتذروه وتفرِّقه في الهواء لئلا يقع صبةً واحدةً، فيُهلك (١) ما أصابه ويقل الانتفاع به. فإذا سقى ما أُمر بسقيه وفرغت حاجتهم منها أرسل عليه الرياح السائقة فتسوقه وتزجيه إلى قومٍ آخرين وأرضٍ أخرى محتاجة إليه. فإذا جاء الربيع تحركت الطبائع، وظهرت المواد الكامنة في الشتاء، فخرج النبات، وأخذت الأرض زخرفها، وازَّيَّنت وأنبتت من كل زوجٍ بهيجٍ.

فإذا جاء الصيف سخن الهواء، فنضجت الثمار، ويبست الحبوب فصلحت للحفظ والخزن وتحللت فضلات الأبدان.

فإذا جاء الخريف كسر ذلك السَّموم والحرور، وصفا (٢) الهواء واعتدل، وأخذت الأرض والشجر في الراحة والجموم والاستعداد (٣) للحمل الآخر (٤).

واقتضت حكمته سبحانه أن أنزل الشمس والقمر في البروج، وقدَّر لهما المنازل ليعلم العباد عدد السنين والحساب من الشهور والأعوام، فتتم (٥) بذلك مصالحهم، وتُعلم آجال معاملاتهم ومواقيت حجهم وعباداتهم، ومُدد أعمارهم وغير ذلك من مصالح حسابهم. فالزمان مقدار الحركة، ألا ترى أن


(١) بعده في «م»: «ما على الأرض و».
(٢) «مح»: «وبرد».
(٣) «ح»: «والاستداد». والمثبت من «م».
(٤) ينظر «مفتاح دار السعادة» للمصنف (٢/ ٥٩٢ - ٥٩٤).
(٥) «ح»: «قسم». والمثبت من «م».