للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السنة الشمسية مقدار مسير الشمس من الحمل إلى الحمل، واليوم مقدار مسيرها من الشرق إلى الغرب، وبحركة الشمس والقمر يُكال الزمان من حين خُلقا إلى أن يجمع الله بينهما ويعزلهما عن سلطانهما، ويُرِيَ عابديهما أنهم عبدوا الباطل من دونه، وأن سلطان معبودهم قد بطل واضمحل، وأن سلطان الحقِّ والملك الحق لله الواحد القهار.

قال تعالى: {هُوَ اَلَّذِي جَعَلَ اَلشَّمْسَ ضِيَاءً وَاَلْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ اَلسِّنِينَ وَاَلْحِسَابَ مَا خَلَقَ اَللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ اُلْأيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [يونس: ٥]. وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا اَلَّيْلَ وَاَلنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اَلَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ اَلنَّهارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ اَلسِّنِينَ وَاَلْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} [الإسراء: ١٢]. ففي القمر وتقدير منازله آيات وحكم لا تخفى على الناظرين (١).

واقتضت حكمته سبحانه في تدبيره أن فاوت بين مقادير الليل والنهار، فلم يجعلهما دائمًا على حدٍّ سواء، ولا أطول [ق ١٣٧ أ] ممَّا هما عليه ولا أقصر، بل جاء استواؤهما وأخذ أحدهما من الآخر على وفق الحكمة، حتى إن المكان الذي يقصر أحدهما فيه جدًّا لا يكون فيه حيوان ونبات كالمكان الذي لا تطلع عليه الشمس أو (٢) لا تغرب عنه. فلو كان النهار مقدار مائة ساعة أو أكثر أو كان الليل كذلك لتعطلت المصالح التي نظمها الله بهذا المقدار من الليل والنهار (٣).


(١) ينظر «مفتاح دار السعادة» للمصنف (٢/ ٥٩٤ - ٥٩٥).
(٢) «ح»: «و». والمثبت من «م».
(٣) ينظر «مفتاح دار السعادة» للمصنف (٢/ ٥٩٥ - ٥٩٧).