للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

القسم الثاني: ما هو ظاهر في مراد المتكلم ولكنه يقبل التأويل. فهذا يُنظَر في وروده، فإن اطَّرد استعمالُه على وجهٍ واحدٍ استحال تأويله بما يخالف ظاهرَه؛ لأن التأويل إنما يكون لموضع (١) جاء نادرًا خارجًا عن نظائره منفردًا عنها، فيُؤوَّل حتى (٢) يُرَدَّ إلى نظائره. وتأويل هذا غير ممتنعٍ؛ لأنه إذا عُرف من عادة المتكلم باطراد كلامه في توارُد (٣) استعماله معنًى أَلِفَه ـ أي المخاطب (٤) ـ فإذا جاء موضع يخالفه ردَّه السامع بما عَهِد من عُرف المخاطب إلى عادته المطردة. هذا هو المعقول في الأذهان والفِطر، وعند كافة (٥) العقلاء.

وقد صرَّح أئمةُ العربية بأن الشيء إنما يجوز حذفه إذا كان الموضع الذي ادُّعي فيه حذفه قد استُعمِل فيه ثبوته أكثر مِن حذفه، فلا بد أن يكون موضع ادعاء الحذف عندهم صالحًا للثبوت، ويكون الثبوت مع ذلك أكثرَ من الحذف (٦)، حتى (٧) إذا جاء ذلك محذوفًا في موضع عُلِمَ بكثرة ذِكره في نظائره أنه قد أُزيلَ من هذا الموضع فحُمِلَ عليه. فهذا شأن مَن يقصد البيان


(١) «ب»: «لوضع».
(٢) في النسختين: «حين». والمثبت من «م».
(٣) «ب»: «موارد».
(٤) «ب»: «المخاطبون».
(٥) «ح»: «الكافة».
(٦) من قوله: «عندهم صالحا» إلى هنا ليس في «ح».
(٧) «حتى» ليس في «ب».