للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن صاحبه. وإمام المعطِّلين المشركين فرعون، فهو إمام كل معطِّلٍ ومشركٍ إلى يوم القيامة، كما أن إمام الموحدين إبراهيم ومحمد ـ صلوات الله وسلامه عليهما ـ إلى يوم القيامة. قال الله تعالى لإمام المعطِّلين وأتباعه: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئمَّةً يَدْعُونَ إِلَى اَلنّارِ} [القصص: ٤١]، وقال لإمام الحنفاء {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنّاسِ إِمَامًا} [البقرة: ١٢٣] وقال لأتباعه: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: ٢٤].

فلا (١) يأتي المعطِّل للتوحيد الخبري بتأويلٍ إلَّا أمكن المشرك المعطِّل للتوحيد العملي أن يأتي بتأويلٍ من جنسه، وقد اعترف بذلك حُذَّاق الفلاسفة وفضلاؤهم، فقال أبو الوليد ابن رشد في كتاب «الكشف عن مناهج الأدلة» (٢):

«القول في الجهة: وأمَّا هذه الصفة فلم يزل أهل الشريعة يُثبِتونها لله سبحانه حتى نفتها المعتزلةُ، ثم تَبِعهم على نفيها متأخرو الأشعرية كأبي المعالي ومَنِ اقتدى بقوله. وظواهر الشرع كلها تقتضي إثبات (٣) الجهة، مثل قوله: {اَلرَّحْمَنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوى} [طه: ٤]، ومثل قوله: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ اُلسَّمَاوَاتِ وَاَلْأَرْضَ} [البقرة: ٢٥٣]، ومثل قوله: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة: ١٦]، ومثل قوله: {يُدَبِّرُ اُلْأَمْرَ مِنَ اَلسَّمَا إِلَى اَلْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ ممَّا تَعُدُّونَ} [السجدة: ٤]، ومثل قوله تعالى: {تَعْرُجُ اُلْمَلَائِكَةُ وَاَلرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: ٤]، ومثل قوله: {* آامِنتُم


(١) «ح»: «ولا».
(٢) «مناهج الأدلة» (ص ١٧٦ - ١٨٢).
(٣) «ح»: «إثباتها».