للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَحَقِّكَ لَوْ أَدْخَلْتَنِي النَّارَ قُلْتُ لِلْـ ... لَذِينَ بِهَا قَدْ كُنْتُ مِمَّنْ يُحِبُّهُ

وَأَفْنَيْتُ عُمْرِي فِي فُنُونٍ دَقِيقَةٍ ... وَمَا بُغْيَتِي إِلَّا رِضَاهُ وَقُرْبُهُ

أَمَا قُلْتُمُ مَنْ كَانَ فِينَا مُجَاهِدًا ... سَيُكْرَمُ مَثْوَاهُ وَيَعْذُبُ شِرْبُهُ

أَمَا رَدَّ شَكَّ ابْنِ الْخَطِيبِ وَزَيْفَهُ ... وَتَمْوِيهَهُ في الدِّينِ إِذْ جَلَّ خَطْبُهُ

يعترف بأن المعقولات لم تُعطِه إلَّا حَيْرةً، وأنه لم يَصِل منها إلى يقينٍ ولا عِلْمٍ، حيث يقول (١):

فِيكَ يَا أُغْلُوطَةَ الْفِكَرِ ... ضَاعَ دَهْرِي (٢) وَانْقَضَى عُمُرِي

سَافَرَتْ فِيكَ الْعُقُولُ فَمَا ... رَبِحَتْ إلَّا أَذَى السَّفَرِ (٣)

قَاتَلَ اللهُ الْأُلَى زَعَمُوا ... أَنَّكَ الْمَعْرُوفُ بِالنَّظَرِ (٤)

كَذَبُوا إِنَّ الَّذِي ذَكَرُوا ... خَارِجٌ عَنْ قُوَّةِ الْبَشَر

وقال بعض الطَّالبين من المتأخرين، وقد سافر في طلب ربِّه على هذه الطَّريق فلم يزدد إلَّا حَيْرةً وبُعدًا من مطلبه، حتى قيَّض الله له مَن أخذ بيده، وسلك به على الطَّريق الَّتي سَلَكَ عليها الرُّسُل وأتباعُهم، فجعل يهتف


(١) الأبيات أنشدها ابن أبي الحديد لنفسه في «شرح نهج البلاغة» (١٣/ ٥١). ونسب ياقوت في «معجم الأدباء» (٣/ ١١٦٣) بعضها للحسين بن هداب النوري.
(٢) في «شرح نهج البلاغة»: «تاه عقلي».
(٣) زاد بعده في «شرح نهج البلاغة»:
رَجَعَتْ حَسْرَى وَمَا وَقَفَتْ ... لَا عَلَى عَيْنٍ وَلَا أَثَر
(٤) جاء هذا البيت في «شرح نهج البلاغة» هكذا:
فَلَحَى اللهُ الْأُلَى زَعَمُوا ... أنَّكَ المعلومُ بالنَّظر