للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القافية عن الترتيب المفهِم،، كقول الفرزدق (١):

وَمَا مِثْلُهُ فِي النَّاسِ إِلَّا مُمَلَّكًا ... أَبُو أُمِّهِ حَيٌّ أَبُوهُ يُقَارِبُهْ

فهذا شبيه باللغز، ومعناه: وما مثله في النَّاس حي يقاربه إلَّا مُمَلَّك أبو أُمِّه أبوه.

وهذا النوع لا يقع في كلام الله ولا رسوله.

النوع الثَّاني: التقديم والتَّأخير الذي لا يُخِلُّ بأصل المعنى وإن أَخَلَّ بالغرض المقصود، فيكون مراعاته من باب إخراج الكلام على مقتضى الحال. وهذا هو الذي يتكلم عليه علماء المعاني والبيان، قال سيبويه (٢) وهو يذكر الفاعل والمفعول: «كأنهم يُقدِّمون الذي بيانه أهمُّ لهم، وهم بشأنه أَعْنَى، وإن كانا جميعًا يُهمَّانهم ويعنيانهم». انتهى كلامه.


(١) «شرح ديوان الفرزدق» (ص ١٠٨)، وقال المبرد في «الكامل» (١/ ٤١ - ٤٢): «ومن أقبح الضرورة، وأهجن الألفاظ، وأبعد المعاني قوله:
وما مثله في النَّاس إلَّا مملكًا ... أبو أمه حي أبوه يقاربه

مدح بهذا الشعر إبراهيم بن هشام بن اسماعيل بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وهو خال هشام بن عبد الملك، فقال:
وما مثله في الناس إلَّا مملكاً
يعني بالمملك هشاماً، أبو أم ذلك المملك أبو هذا الممدوح، ولو كان هذا الكلام على وجهه لكان قبيحاً، وكان يكون إذا وضع الكلام في موضعه أن يقول: وما مثله في الناس حي يقاربه إلا مملك أبو أم هذا المملك أبو هذا الممدوح، فدل على أنه خاله بهذا اللفظ البعيد، وهجنه بما أوقع فيه من التقديم والتأخير، حتى كأن هذا الشعر لم يجتمع في صدر رجل واحد».
(٢) «الكتاب» (١/ ٣٤).