للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والطبيعية، كما نقله الأشعري في كتاب «مقالات غير الإسلاميين» وابن الباقلاني في كتاب «الدقائق». وفي هذين الكتابين من الاختلاف بينهم أضعاف ما ذكره الشهرستاني وابن الخطيب. والكتاب الذي اتفق عليه جمهورهم وهو «المجسطي» لبطليموس فيه قضايا كثيرة لا يقوم عليها دليلٌ صحيحٌ، وقضايا ينازعه فيها غيره، وقضايا مبنية على أرصاد منقولة عن غيره تقبل الغلط والكذب، وفيه قضايا برهانية صادقة، وهذا من أجود علومهم وأصحها.

وأمَّا الطبيعيات ففيها من الاضطراب والاختلاف ما لا يكاد يُحصى، وهو أكثر من أن يُذكر، هذا وهو أقرب إلى الحسِّ (١) من العلم الإلهي.

وأمَّا الإلهيات فإذا شئت مثالًا يُقرِّب إليك حالهم فمَثَلُهم كمثل قومٍ نزلوا بفلاة من الأرض في ليلة ظلماء، فهجم عليهم العدوُّ، فقاموا في الظلمة هاربين على وجوههم في كل ناحيةٍ! ولا إله إلَّا الله، كم (٢) لهم فيه من خبطٍ وخرصٍ وتخمينٍ! وليسوا متفقين فيه على شيءٍ أصلًا، وأساطينهم قد صرَّحوا بأنهم لا يصلون فيه إلى اليقين، وإنما يتكلمون فيه بالأولى والأَخْلَق (٣). ولهذا ظهر في السَّالكين خلفهم من الحَيْرة والتوقُّف والاعتراف بأنهم لم يصلوا إلى شيءٍ ما فيه عبرة لأهل الوحي أتباع الرُّسل المقدِّمين لما نزل به الوحي على عقول هؤلاء وأشباههم. وقد تقدَّم إقرار الشهرستاني وابن الخطيب وابن أبي الحديد والخونجي والجويني وغيرهم


(١) «ح»: «الجنس». والمثبت هو الصواب.
(٢) «ح»: «كمن». والمثبت هو الصواب.
(٣) «ح»: «ولا خلق». والأخلق: الأجدر والأولى. «المعجم الوسيط» (١/ ٢٥٢).