للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أجزائه وأنواعه= فجعلوه قديمًا غير مخلوقٍ ولا مصنوعٍ، فعطَّلوه عن صانعه وخالقه.

ثم عطَّلوا الربَّ الذي فطر السماوات والأرض عن صفات كماله ونعوت جلاله وأفعاله، فلم يُثبتوا له ذاتًا ولا صفةً ولا فعلًا ولا تصرُّفًا باختياره في ملكه (١)، ولا عالمًا بشيءٍ ممَّا في العالم العلوي والسفلي، وعجَّزوا مَن أنشأ النشأة الأولى أن يُعيدها مرةً ثانيةً.

وفي الحقيقة لم يُثبتوا ربًّا أنشأ شيئًا ولا ينشئه، ولا أثبتوا لله ملائكة ولا رسلًا ولا كلامًا ولا إلهيةً ولا ربوبيةً.

وأمَّا الاتحادية (٢) فأفسد عقولهم فلم يثبتوا ربًّا، وظنوا أن في الخارج إنسانًا (٣) كليًّا، وحيوانا كليًّا، وجعلوا وجود الربِّ وجودًا مطلقًا مجردًا عن الماهيات، وقالوا: لا وجود للمطلق في الخارج. وبالجملة فلم يُصيبوا في الإلهيات في مسألةٍ واحدةٍ، بل قالوا في جميعها ما أضحكوا عليهم العقلاء.

وأمَّا متكلمو الجهمية والمعتزلة فأفسد عقولهم عليهم حتى قالوا ما يسخر العقلاء من قائله، كما تقدَّم التنبيه على اليسير منه (٤):

وقالوا: يتكلم الربُّ بغير كلامٍ يقوم به، وخالقٌ بلا خَلْقٍ يقوم به، وسميع بلا سمع، وبصير بلا بصر (٥)، وحيٌّ بلا حياة، وقديرٌ بلا قدرةٍ، ومريدٌ


(١) «ح»: «الممكة».
(٢) ينظر «الجواب الصحيح» لابن تيمية (٤/ ٣٩٧ - ٣٩٨).
(٣) «ح»: «إنشا».
(٤) تقدم (ص ٦٦).
(٥) «ح»: «يقوم به وسمع وبصر بلا بصيرة». والمثبت هو الصواب كما تقدم (ص ٤٢٢).