للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ندم على خلق آدم وذريته ندمًا عظيمًا حتى عض أنامله. ويقولون في صلاتهم: يا إلهنا انتبه من رقدتك، كم تنام؟! ونحو ذلك.

والنصارى لا يخفى على أحدٍ منهم أن نزوله عن عرشه ودخوله في رحم امرأةٍ، وإقامته هناك تسعة أشهر بين الحيض والبول، ثم خروجه طفلًا صغيرًا يرضع ويبكي، ويأكل ويشرب ويبول، وينام ويألم، ثم تمكُّن أعدائه منه وصفعه وتسمير يديه ورجليه، وصلبه بين نصبين وعلى رأسه تاج من الشوك = أن هذا غاية التنقص المنافي لكماله.

والاتحادية مصرِّحون بأنه موصوفٌ بكل صفةٍ مذمومةٍ عقلًا وعرفًا وشرعًا.

ومعلومٌ أن هذه النقائص (١) هي التي دلَّ العقل الصريح واتفاق المرسلين من أولهم إلى آخرهم على نفيها عن الله وتنزيهه عنها، فمن جعل دلالته على نفي علمه، وسمعه، وبصره، وقوته، وقدرته، وحياته، وإرادته، وكلامه (٢) وتكليمه، وعلوه على عرشه، ووجهه الأعلى، ويديه، وغضبه ورضاه؛ كدلالته على نفي تلك العيوب والنقائص، وإثباتها له كإثبات تلك العيوب والنقائص، وأن العقل يوجب نفي هذا وهذا = فهو من أسخف النَّاس عقلًا، وأعظمهم جهلًا، وأفسدهم فطرة. وكان الذين وصفوه سبحانه بتلك العيوب والنقائص أقرب إلى العقل منه، فإنهم وصفوه بالكمال والنقص، وهؤلاء نزَّهوه عن الكمال، وهو يستلزم وصفه بالنقص فقط، ومعلوم أن ذاتًا موصوفة بالكمال والنقائص أكمل من ذاتٍ لا تُوصف بشيءٍ


(١) «ح»: «التناقض»، تحريف.
(٢) «ح»: «وكماله». ولعل المثبت هو الصواب.