للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلوبكم، وسهَّل عليكم الإلحاد (١) في أسماء الربِّ وصفاته وتعطيلَه عن كل كمالٍ وسلبه عنه، وهو في الحقيقة مستلزمٌ لجحد وجود الخالق سبحانه، وإنكار أن يكون للعالم صانعٌ على الحقيقة. ففررتم من إثبات الكمالات له سبحانه لظنكم أنها تستلزم افتقاره وحدوثه، فوقعتم في شرٍّ (٢) من ذلك وهو تعطيل العالم عن ربٍّ يدبره، فعطلتم الصَّانع عن كماله، وعطلتم العالم عن صانعه.

ولقد أقامت الدهرية والمعطلة أربعين شبهةً، التي ذكرتموها واحدة من تلك الأربعين، فقالوا: لو كان للعالم ربٌّ أو صانعٌ أو خالقٌ لكان إمَّا جسمًا وإمَّا عرضًا، ودليل هذا الحصر أنه إمَّا أن يكون قائمًا بنفسه، وهو الذي نعني بالجسم؛ وإمَّا أن يكون قائمًا بغيره؛ وهو الذي نعني بالعرض. فلا يجوز أن يكون عرضًا، لأنه لا يقوم بنفسه، فهو مفتقرٌ إلى محلٍّ يقوم به. ولا يجوز أن يكون جسمًا لما ذكرتم من الدليل المتقدم بعينه.

وكل ما تُجيبون به إخوانكم في الأصل عن هذه الشُّبهة فهو جواب أهل السمع والعقل لكم بعينه.

فإن قلتم: بل هو قائمٌ بنفسه، وليس بجسمٍ.

قال لكم أهل السمع والعقل: فقولوا هو فوق عرشه، موصوفٌ بصفات كماله، ونعوت جلاله، وحقائق أسمائه، وليس بجسمٍ.

فإن قلتم: هذا لا يُعقل.


(١) «ح»: «الاتحاد»، تصحيف.
(٢) «ح»: «شيء». والمثبت هو الصواب.