للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما أنكر عليه عبادة مقابلته لما رواه بهذا الرَّأي. ولو قال له: نعم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الرَّأس والعين (١) ولا يجوز مخالفته بوجهٍ، ولكن هذه الصورة لا تدخل في لفظه؛ فإنه إنما قال: «الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ»، وهذه الزيادة ليست في مقابلة الفضة، وإنما هي في مقابلة الصنعة، ولا تذهب الصنعة هدرًا (٢) = لما أنكر عليه عبادة، فإن هذا من تمام فهم النصوص وبيان ما أُريد بها.

كما أنه هو (٣) ومعاذ بن جبل (٤) وغيرهما من الصَّحابة لمَّا وَرَّثوا المسلم من الكافر ولم يورثوا الكافر من المسلم، لم (٥) يعارضوا قوله: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» (٦) بآرائهم وعقولهم، بل قيَّدوا مطلق هذا اللفظ، أو خصُّوا عمومه، وظنُّوا أن المراد به الحربي، كما فعل ذلك بعض الفقهاء بقوله: «لا يُقتل مسلمٌ بكافرٍ» (٧) حيث حملوه على الحربي دون الذِّمي والمعاهد. والصَّحابة في ذلك التقييد والتخصيص أعذر


(١) «ح»: «والعينين». والمثبت من «م».
(٢) «جواز بيع المصوغ من الذهب بالذهب والمصوغ من الفضة بالفضة من غير اشتراط تماثل، وجعل الزائد في مقابلة الصنعة». هذا اختيار شيخَيِ الإسلام ابن تيمية وابن القيِّم، ينظر: «العقود الدرية» (ص ٣٩١) و «الفروع» لابن مفلح (٦/ ٢٩٤) و «اختيارات شيخ الإسلام» للبعلي (ص ١٨٨) و «أعلام الموقعين» (٣/ ٤٠٩ - ٤١٠).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٣٢١٠٢).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٣٢١٠١).
(٥) «ح»، «م»: «ولم». وهو جواب «لمَّا» فيما يظهر.
(٦) أخرجه البخاري (٦٧٦٤) ومسلم (١٦١٤) عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما -.
(٧) أخرجه البخاري (١١١) عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.