للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونتق الجبل من موضعه، ورفعه على قدر العسكر العظيم فوق رؤوسهم، وضرب حجرٍ مربعٍ بعصًا فتسيل منه اثنتا عشرة (١) عينًا تكفي أُمةً عظيمة.

وكذلك سائر آيات الأنبياء. فإخراج ناقة عظيمة من صخرة تمخضت بها، ثم انصدعت عنها والناس حولها ينظرون، وكذلك تصوير طائر من طين، ثم ينفخ فيه النبي فينقلب طائرًا ذا لحمٍ ودمٍ وريشٍ وأجنحةٍ يطير بمشهد من الناس.

وكذلك إيماء الرسول إلى القمر فينشق نصفين، بحيث يراه الحاضر والغائب، فيخبر به كما رآه الحاضرون.

وأمثال ذلك ممَّا هو من أعظم الأدلة على الصانع وصفاته وأفعاله وصدق رسله واليوم الآخر. وهذه من طرق القرآن التي أرشد إليها عباده ودلَّهم بها، كما دلهم بما يشاهدونه من أحوال الحيوان والنبات والمطر والسحاب والحوادث التي في الجو وفي الأرض، وأحوال المعلومات من السماء والشمس والقمر والنجوم، وأحوال النُّطفة، وتقلُّبها (٢) طَبَقًا بعد طَبَق، حتى صارت إنسانًا سميعًا بصيرًا حيًّا متكلمًا عالمًا قادرًا، يفعل الأفعال العجيبة، ويعلم العلوم العظيمة.

فكل طريقٍ من هذه الطرق أصحُّ وأقرب وأسهل وأوصل من طُرق المتكلمين التي لو صحت لكان فيها من التطويل والتعقيد والتعسير ما يمنع الحكمة الإلهية والرحمة الرَّبانية أن يدلَّ بها عباده عليه، وعلى صدق رسله،


(١) «ح»: «اثنا عشر». والمثبت من «م».
(٢) «ح»: «وبقلها». والمثبت من «م».