للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعارف الآدميين من ذلك ما لا شيء أبين منه ولا أوكد، لأنك (١) لا تسأل أحدًا (٢) من الناس عنه عربيًّا ولا عجميًّا ولا مؤمنًا ولا كافرًا فتقول: أين ربك؟ إلَّا قال: «في السماء»، إن أفصح، أو أومأ بيده وأشار بطرفه إن كان لا يُفصح، لا يُشير إلى غير ذلك من أرضٍ ولا سهلٍ ولا جبلٍ. ولا رأينا أحدًا داعيًا إلَّا رافعًا يديه إلى السماء، ولا وجدنا أحدًا غير الجهمية يُسأل عن ربه فيقول: في كل مكان، كما يقولون، وهم يزعمون (٣) أنهم أفضل الخلق كلهم، فتاهت العقول وسقطت الأخبار واهتدى جهم وحده [ق ٩٦ ب] وخمسون رجلًا معه؟! نعوذ بالله من الخذلان ومضلات (٤) الفتن» (٥).

ثم ألزمهم ابن كُلَّاب بمذهب الدهرية الملاحدة، وأن يكونوا وهم بمنزلةٍ واحدةٍ؛ فقال في هذا الكتاب: «يقال للجهمية: أليست الدهرية كفارًا ملحدين في قولهم: إن الدهر هو واحدٌ، إلَّا أنه لا ينفك عن العالم ولا ينفك العالم عنه، ولا يباين العالم ولا يباينه، ولا يماس العالم ولا يماسه، ولا يداخل شيئًا من العالم ولا يداخله؛ لأنه واحد والعالم غير مفارق له؟

فإذا قالوا: نعم. قيل لهم: صدقتم، فلِمَ أثبتم المعبود بمعنى الدهر، وأكفرتم من قال بمثل مقالتكم؟ هل تجدون بينكم وبينه فرقًا أكثر من أن سمَّيتموه بغير ما سَمَّوْه به، وقد قلتم: إنه غير مفارق للعالم، ولا العالم


(١) «ح»: «لا تبل». والمثبت من «اجتماع الجيوش» و «درء التعارض».
(٢) «ح»: «أحد». والمثبت من «اجتماع الجيوش» و «درء التعارض».
(٣) «اجتماع الجيوش» و «درء التعارض»: «يدعون».
(٤) «ح»: «ومعضلات». والمثبت من «اجتماع الجيوش» و «درء التعارض».
(٥) نقله ابن تيمية في «درء التعارض» (٦/ ١٩٣ - ١٩٤) والمصنِّف في «اجتماع الجيوش الإسلامية» (ص ٤٣٥ - ٤٣٦).