للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مفارق له، ولا هو داخل في العالم، ولا العالم داخل فيه، ولا مماس للعالم، ولا العالم مماس له؟ فأين تذهبون يا أولي الألباب إن كنتم تعقلون؟! مَن أولى أن يكون قد شبَّه الله بخلقه نحن أو أنتم؟ ولِمَ رجعتم على من خالفكم بالتكفير، وزعمتم أنهم قد كفروا لأنهم قالوا: واحدٌ منفردٌ بائنٌ. فلِمَ لا كنتم أولى بالكفر والتشبيه منهم إذْ (١) زعمتم مثل زعم الملحدين، وقلتم مثل مقالة الضالين، وخرجتم من توحيد ربِّ العالمين» (٢).

وقال في موضع آخر من هذا الكتاب: «وأخرج من العقل والخبر من قال: إنه سبحانه لا داخل العالم ولا خارجه. لأنه نفاه نفيًا مستويًا» (٣).

وألزم الجهمية في موضع آخر منه مفارقة صريح المعقول، حيث زعموا بأنه سبحانه فعل الأشياء لا بائنة عنه ولا قائمة به حالة فيه، وهذا لا يثبته عقل عاقلٍ (٤).

وأخذ هذا من حُجَّة الإمام أحمد وأئمة السُّنَّة على هؤلاء المعطلة الجهمية. قال الإمام أحمد في كتابه الذي خرَّجه في «الرد على الزنادقة والجهمية» (٥)، وذكره الخلَّال في «الجامع» (٦) والقاضي أبو يعلى (٧) وسائر


(١) «ح»: «إذا». والمثبت من «درء التعارض».
(٢) نقله ابن تيمية في «درء التعارض» (٦/ ١٩٤ - ١٩٥).
(٣) نقله ابن تيمية في «درء التعارض» (٦/ ١١٩) و «بيان تلبيس الجهمية» (١/ ٤٤).
(٤) نقله ابن تيمية في «درء التعارض» (٦/ ١٩٥ - ١٩٦).
(٥) «الرد على الزنادقة والجهمية» (ص ١٥٥).
(٦) لم يُعثر إلَّا على قطعة منه، وهو من أجلِّ كتب الخلال، حتى قال في «كشف الظنون» (١/ ٥٧٦): «لم يصنَّف في مذهبه مثله».
(٧) «إبطال التأويلات» (ص ٤٤٤).