للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: «واحتجوا بأن ذلك لو كان من الدِّين لكان أهم ما يأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويُعلِّم طريقه، ويُثني على أربابه. فقد علَّمهم الاستنجاء، وندبهم إلى حفظ الفرائض، ونهاهم عن الكلام في القدر. وعلى هذا استمر الصحابة، فالزيادة على الأستاذ طغيانٌ وظلمٌ، وهم الأستاذون والقدوة، ونحن الأتباع والتلامذة ... ». إلى أن قال: «وأمَّا منفعته فقد يُظن أن فائدته كشف الحقائق ومعرفتها على ما هي عليه، وهيهات! فليس في الكلام وفاء بهذا المطلب الشريف. وهذا إذا سمعته من محدثٍ أو حشويٍّ ربما خطر ببالك أن الناس أعداء ما جهلوا، فاسمع هذا ممَّن خبر الكلام، ثم قلاه (١) بعد حقيقة الخبرة، وبعد التغلغل فيه إلى درجة المتكلمين، وجاوز ذلك إلى التعمق في علوم أخرى سوى نوع الكلام، وتحقق أن الطريق إلى حقائق المعرفة من هذا الوجه مسدود».

قال: «ولعمري لا ينفك الكلام عن كشفٍ وتعريفٍ وإيضاحٍ لبعض الأمور، ولكن على سبيل النُّدور (٢) في أمور جليلة تكاد تنال (٣) قبل التعمق في صناعة الكلام».

قال (٤): «بل منفعته شيءٌ واحدٌ وهو حراسة العقيدة وحفظها عن تشويشات المبتدعة بأنواع الجدل، فإن العاميَّ يستفزه (٥) جدل المبتدع وإن


(١) أي: أبغضه، تقول: قلاه يقليه قِلًى وقَلاءً. «الصحاح» (٦/ ٢٤٦٧).
(٢) «ح»: «المندوب». والمثبت من «إحياء علوم الدين» و «درء التعارض».
(٣) «ح»: «تسأل». وفي «إحياء علوم الدين»: «تفهم». والمثبت من «درء التعارض».
(٤) «ح»: «قل». والمثبت من «درء التعارض». والكلام متصل بسابقه في «إحياء علوم الدين».
(٥) «ح»: «يستفز». والمثبت من «إحياء علوم الدين» و «درء التعارض».