للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان فاسدًا، ومعارضة الفاسد بالفاسد نافعة».

ثم قال: «وإذا وقعت الإحاطة بضرره ومنفعته، فينبغي أن يكون صاحبه كالطبيب الحاذق في استعمال الدواء الخطر؛ إذ لا يضعه إلَّا في موضعه، وعلى قدر الحاجة».

وقال: «إن فيه من المضرة من إثارة الشبهات وتحريك العقائد وإزالتها عن الجزم والتصميم، وفيه مضرة في تأكيد اعتقاد المبتدعة وتثبيته في صدورهم بحيث تنبعث دواعيهم ويشتد حرصهم على الإصرار عليه، ويمكَّن هذا الإصرار بواسطة التعصب (١) الذي يثور عن الجهل».

فهذا كلام أبي حامد، مع معرفته بالكلام والفلسفة وتعمقه في ذلك، يذكر اتفاق سلف أهل السُّنَّة على ذم الكلام، ويذكر أنه ليس فيه فائدة إلَّا الذَّب عن هذه العقائد الشرعية التي أخبر بها الرسول أمته. وإذا لم يكن فيه فائدة إلَّا الذَّب عن هذه العقائد امتنع أن يكون معارضًا لها، فضلًا عن أن يكون مقدَّمًا عليها، فامتنع أن يكون الكلام العقلي المقبول معارضًا للكتاب والسُّنَّة. وما كان معارضًا لهما فهو من الكلام الباطل المردود المرذول، الذي لا يُنازع (٢) في ذمه أحدٌ من أهل الإسلام، لا من السلف ولا من أتباعهم من الخلف. هذا مع أن السلف والأئمة يذمُّون [ق ١٠٠ أ] ما كان من العقليات والجدل والكلام مبتدعًا وإن قُصد به نصر السُّنَّة، فكيف ذمُّهم لمن عارض السُّنَّة بالبدعة، والوحي بالرأي، وجادل في آيات الله بالباطل ليدحض به الحقَّ؟


(١) «إحياء علوم الدين»: «التعب». وهو في «درء التعارض» كما في الأصل، وهو الصواب.
(٢) «ح»: «شارع». والمثبت من «درء التعارض».