للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يُبيِّن أن القرآن حقٌّ، فيتطابق عندهم السمع والعقل، ويتصادق الوحي والفطرة، كما قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي اِلْأفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ اُلْحَقُّ} [فصلت: ٥٢] وقال: {وَيَرَى اَلَّذِينَ أُوتُوا اُلْعِلْمَ اَلَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ اَلْحَقَّ} [سبأ: ٦].

والإنسان له حالتان: إمَّا أن يكون ناظرًا، وإمَّا أن يكون مناظرًا. والناظر له حالتان: إحداهما يُحمد فيها، والثانية يُذم فيها. والمناظر له حالتان أيضًا. قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ} [سبأ: ٤٦] فأشار بقيامهم اثنين اثنين إلى المناظرة، وفُرادى إلى النظر والتفكر. وكل منهما ينقسم إلى محمودٍ ومذمومٍ.

فالنظر المحمود: النظر (١) في الطريق الصحيح ليتوصل به إلى معرفة الحقِّ.

والنظر المذموم نوعان:

أحدهما: النظر في الطريق الباطل، وإن قُصد به التوصل إلى الحقِّ؛ فإن الطريق الباطل لا يُفضي إلى الحقِّ.

والثاني: النظر والفكر الذي يُقصد به ردُّ قول خصمه مطلقًا، حقًّا كان أو باطلًا، فهو ينظر نظرًا يردُّ به قول من يبغضه ويُعاديه بأي وجهٍ كان.

وأمَّا المناظرة فتقسم إلى محمودةٍ ومذمومةٍ، والمحمودة نوعان، والمذمومة نوعان. وبيان ذلك أن المناظر إمَّا أن يكون عالمًا بالحقِّ، وإمَّا أن يكون طالبًا له، وإمَّا ألَّا يكون عالمًا به ولا طالبًا له. وهذا الثالث هو


(١) «ح»: «بالنظر».