للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحقوق الواجبة على طالب العلم]

هذا مما يجب أن يتحلى به طالب العلم مما دونه الأكابر، وذكره الفضلاء، وسطره العلماء من قبل، وليس لنا فيه إلا استحضار ذكره للناس.

مضى الحديث وسبق القول في قضية بناء الإنسان نفسه إيمانياً ومعرفياً وسلوكياً، فإذا قدر للإنسان أن يبني نفسه إيمانياً ومعرفياً وسلوكياً، فإنه ينطلق بعد ذلك إلى ما يسمى بالجانب العملي في حياته.

وهذا الجانب العملي في حياة طالب العلم له شواهد وقرائن تدل عليه، أو له معايير يحكم له بها، فلا مشاحاة في الاصطلاح.

والذي نريد أن نذكره بعون الله تعالى أن يعرف طالب العلم لكل ذي حق حقه، وهذا من دلائل يقينه بربه، وسيره على هدي نبيه، واحتكامه إلى العقل، ومعرفة ما يجب عليه، وما يملى عليه من الواجبات.

وقولنا: أن يعرف لكل ذي حق حقه من أهم ذلك حق الوالدين.

ثم حق ولاة الأمر، وأن يكون المرء العالم والسالك لطلب العلم لبنة خير في مجتمعه، يألف ويؤلف، يحب أن يجتمع الناس على كلمة سواء، يحبب الناس في ولاة أمرهم، ويحبب ولاة الأمر إلى الناس، ويسعى بين الجميع بالمنطق الحسن، وتآلف القلوب، واجتماع الكلمة، ووحدة الصف، ويلتمس الأعذار، ويقبل المعاذير، ويقيل العثرة، ويتغافل عن بعض الأمور، بهذا وأمثاله تعرف الحقوق، ويقوم الإنسان بما عليه؛ لأن أهل العلم هم المنوط بهم أن يتولوا ركاب الأمة قيادة وسعياً إلى الخير، وحتى يكون الإنسان مؤهلاً لذلك عملياً يجب أن يكون قد وطن نفسه على أن يعرف لأهل الفضل فضلهم فقراء المسلمين، ومساكينهم، وأهل الضعفة والعوز منهم، يجب على طالب العلم أن يعرف وصية الله جل وعلا بهم، ووصية رسوله صلى الله عليه وسلم في حقهم، فيقربهم ويدنيهم، ويرأف بهم قدر ما يستطيع، وأن يعلم أنهم سبيل إلى رحمة الله، وطريق إلى مرضاته، بل إنهم جميعاً في أداء حقهم طريق إلى أن يحسن الرب تبارك وتعالى إلينا، ويرحمنا، وذلك من أعظم أسباب التوفيق، ويقاس على ذلك معرفة فضل أولي الفضل، وإنزال الناس منازلهم، وهذا كله مبني على تلك الأسس التي يجب أن يعنى بها وهي ثلاثة: البناء الإيماني والمعرفي والسلوكي.