للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عقيدة الكيسانية في المهدي]

وهناك طائفة أخرى من الشيعة تنعت بالكيسانية، وهؤلاء عندهم مهدي غائب مثل غيرهم، وينتظرون خروجه، إلا أنهم يقولون: إن اسمه محمد بن الحنفية، وهذا يقولون: إنه موجود الآن في جبال الحجاز الغربية المسماة بجبال رضوى، فيقولون: إنه في كهف من كهوفها، وعندهم أو غالب ظنهم أن عنده عسلاً وماء يشرب منهما، ويحرسه أسد أو ذئب.

وهذه الأقوال تمجها عقول الصبيان، ويضحك منها كل من لديه عقل؛ لأن هذا لا يقوم عليه دليل واضح، ولا حجة ظاهرة، ولا خبر عن المعصوم صلى الله عليه وسلم.

وفي ذلك يقول كثير عزة وهو أحد المنتسبين إلى هذه الفرقة: ألا إن الأئمة من قريش حماة الدين أربعة سواء علي والثلاثة من بنيه هم الأسباط ليس بهم خفاء فسبط سبط إيمان وبر وسبط غيبته كربلاء وسبط لا يذوق الموت حتى يقود الخيل يقدمها اللواء تغيب لا يُرى فيهم زمانا برضوى عنده عسل وماء فهو يزعم أن الأئمة أربعة فقط: علي رضي الله تعالى عنه، والثلاثة من بنيه، فـ الحسن، والحسين، ومحمد بن الحنفية الذين يعتقدون الآن أنه في جبال رضوى.

فأما قوله: إن علياً إمام فهذا حق نؤمن به وندين الله به.

وأما قوله: إن السبط الأول سبط إيمان وبر، فهذا حق، وإن قال به كثير فإن الحسن رضي الله تعالى عنه مشهود له بالجنة.

وأما قوله: وسبط غيبته كربلاء -يعني: الحسين بن علي - فنشهد كذلك بأن الحسين إمام من أئمة المسلمين، وصحابي له قرابة من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه حباً جماً، وشهد له عليه الصلاة والسلام بالجنة، وأخبر أنه وأخاه ريحانتاه صلى الله عليه وسلم من الدنيا.

أما قوله: وسبط لا يذوق الموت حتى يقود الخيل يقدمها اللواء فهذا هو الباطل بعينه، فإن محمداً هذا قد مات، وفاضت روحه إلى الله، وأصابه ما يصيب الناس جميعاً من فناء وموت، وهو يحيا الآن كسائر العباد حياة برزخية الله أعلم بها، أما أن يقال أنه موجود في جبال رضوى، وأنه سيخرج، فهذا هو الباطل، أو هو الهراء بعينه.