[رد الله على اليهود]
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.
ثم قال جل ذكره: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:٣٦ - ٣٧] وإن من دلائل الاتعاظ والإيمان أن ينظر الإنسان في الأمم الغابرة والأيام الخالية، فينظر إلى صنيع الله جل وعلا في من عصاه، ورحمته تبارك وتعالى بمن أطاعه واتبع هداه.
زعمت اليهود أن الله بدأ الخلق يوم الأحد وانتهى يوم الجمعة واستراح يوم السبت، تعالى الله عما يقولون الظالمون علواً كبيراً، فقال جل ذكره ممجداً نفسه ومادحاً ذاته العلية: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق:٣٨].
ثم أمر نبيه بالصبر على ما يقوله أعداؤه: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} [ق:٣٩] ولا بد للصبر من مطية، ألا وأعظم المطايا ذكر الله تبارك وتعالى، والوقوف بين يديه مناجاة ودعاء، قال الله جل وعلا: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق:٣٩].
فدعا نبيه إلى كثرة الصلاة والذكر - على القول بأن التسبيح هنا الصلاة - وقيل إنه الذكر المطلق والمقيد وهو أظهر والعلم عند الله.
ثم قال: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} [ق:٤١] هذا نداء لكل من يقرأ القرآن، والمنادي هو إسرافيل عليه السلام، والمكان القريب بيت المقدس، سمي قريباً لأنه قريب من مكة، وهذه السورة نزلت في مكة، وليس بيت المقدس عن مكة ببعيد.
{وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} [ق:٤١ - ٤٢] ينادي: أيتها العظام البالية، أيتها الأوصال المتقطعة، إن الله يدعوكن لفصل القضاء! فتجتمع الأجساد وتدب فيها الأرواح بعد أن تخرج من مستقرها ويخرج الناس لرب العالمين.
{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ} [ق:٤٣ - ٤٥] سواء جهروا به أو لم يجهروا، فالقلوب له مفضية والسر عنده علانية، وليس عليك أيها النبي إلا البلاغ، فقال الله جل وعلا له: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق:٤٥] عوداً على بدأ، فكما أقسم الله بقرآنه العظيم في بدابة السورة، ختم السورة به كما بيناه في أول خطبتنا، وذلك أن القرآن جعله الله جل وعلا هدى ونوراً لهذه الأمة.
جاء النبيون بالآيات فانصرمت وجئتنا بحكيم غير منصرم آياته كلما طال المدى جدد يزينهن جلال العتق والقدم فصلوا وسلموا على من أنزل إليه هذا القرآن، إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن أصحاب نبيك أجمعين بلا استثناء، وخص اللهم منهم الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء، وارحمنا اللهم برحمتك معهم يا ذا الجلال والإكرام، واغفر اللهم لنا في جمعتنا هذه أجمعين.
اللهم وفق ولي أمرنا بتوفيقك وأيده بتأييدك، اللهم وفقه لهداك، واجعل عمله في رضاك، اللهم وأصلح أحوال أمة محمد صلى الله عليه وسلم في كل مكان، اللهم إنا نسألك الإيمان والعفو عما مضى وسلف وكان من الذنوب والآثام والعصيان.
اللهم من روع أهل مدينة رسولك صلى الله عليه وسلم فمكن منه واخذله يا رب العالمين، اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا، اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا، اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا.
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، والفوز بالجنة والنجاة من النار، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى من الجنة، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى من الجنة، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى من الجنة.
عباد الله! إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.