وهذه المحبة لا حاجة لأن يطنب الإنسان ويتحدث في أسبابها وموجباتها؛ لأن ذلك لا يمكن أن يخفى على أحد، فنحن نحبه صلى الله عليه وسلم تبعاً لمحبتنا لربنا جل وعلا، فإنه -صلوات الله وسلامه عليه- حبيب الله وخليله وصفيه ونجيه، فكان بدهياً أن نحب من أحبه الله جل وعلا، وبه هدانا إلى صراطه المستقيم، فهو -عليه الصلاة والسلام- حظنا من النبيين، ونحن حظه من الأمم كما أخبر صلوات الله وسلامه عليه، فنحبه لما كان في قلبه صلوات الله وسلامه عليه من شفقة ورحمة بالأمة، كما نعته الله جل وعلا في كتابه:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}[التوبة:١٢٨].
ففي يوم عيده -صلى الله عليه وسلم- ضحي بكبشين أملحين أقرنين، فسمي الله وكبر عند ذبح أحدهما وقال:(اللهم هذا عن محمد وآل محمد) ثم ضحى بالآخر وقال: (اللهم هذا عمن من لم يضح من أمة محمد) صلى الله عليه وسلم.
ولقد استعجل الأنبياء قبله دعواتهم، وادخر دعوته ليوم القيامة من أجل أمته، كما قيل: وأهلك قومه في الأرض نوح بدعوة لا تذرْ أحداً فأفنى ويدعو أحمد رب اهد قومي فإنهم لا يعلمون كما علمنا فيدخر صلى الله عليه وسلم ما أفاء الله به عليه من دعوة مستجابة ليوم تقوم فيه الأشهاد، ويحشر فيه العباد؛ إكراماً لأمته وأتباعه صلوات الله وسلامه عليه، ففي ذلك المقام العظيم يناجي ربه ويناديه ويسأله قائلاً: رب! أمتي أمتي.
فهذا وأمثاله حري بأن يجعلنا نصرف محبتنا لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه بعد محبتنا لله عز وجل.