عباد الله! وكما أن رمضان شهر القرآن، فرمضان أيضاً شهر القيام، قال صلى الله عليه وسلم:(من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، وصلاة الليل كنز الأبرار، وموئل المتقين الأخيار، يتعبدون الله بها العام كله، فإذا كان رمضان عظم اجتهادهم، وكثرت طاعتهم، وزادت صلواتهم.
وقد شرع لكم نبيكم صلى الله عليه وسلم صلاة التراويح، ابتدأ سنيتها ثلاثة ليال أو أربع، وكان في حياته مازال الوحي ينزل، فخوفاً وشفقة على الأمة أن تفرض عليهم هذه الصلاة امتنع صلى الله عليه وسلم عن الخروج، لكن الناس كانوا يصلونها أرسالاً، وفعلوا كذلك في أيام أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه، وصدراً من خلافة أمير المؤمنين عمر، فدخل عمر المسجد ذات يوم كما روى البخاري في الصحيح من حديث عبد الرحمن بن عبد القاري أن عمر دخل المسجد فوجد الناس يصلون التراويح أرسالاً، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال رضي الله عنه وأرضاه -وهو المحدث الملهم، المتبع لسنة محمد صلى الله عليه وسلم- قال: لو جمعت الناس على قارئ واحد لكان أكمل.
فجمع الناس على أبي بن كعب رضي الله عنه وأرضاه.
ثم دخل المسجد فإذا الناس يصلون بقارئ واحد فقال رضي الله عنه وأرضاه: نعمة البدعة هي، والتي ينامون عنها خير من التي يقومون لها.
أي: لو كانت هذه الصلاة في آخر الليل لكان أكمل، وربما فعلها عمر في أول الليل؛ شفقة على الضعفاء وكبار السن، ومراعاة لأحوال المسلمين.