للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عودة الوحي على رسول الله بعد فتوره]

وإن كان نفيها أقرب إلى الصحة، أياً كان الأمر فقد عاش صلى الله عليه وسلم فترة عصيبة، فهي فترة انقطاع الوحي عليه، حتى أصبح يشك في نفسه فيما رآه في السابق فلما أصبحت نفسه ذات شوق عظيم إلى كلام الله إذا به صلى الله عليه وسلم كما أخرج البخاري من حديث جابر يمشي في طرقات مكة، فإذا الملك يناديه! فيلتفت فإذا الملك على كرسي بين السماء والأرض قد سد ما بين المشرق والمغرب يقول له: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} [المدثر:١ - ٧].

ثم نزل الوحي وتتابع وحمي بأعظم من ذلك، قال الله جل وعلا في آية يبين فيها علو قدره صلى الله عليه وسلم عند ربه، فأقسم الله بمخلوقاته إرضاء له صلوات الله وسلامه عليه: {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى:١ - ٣].

هذا الإشعار الإلهي الذي جاء على هيئة آية قرآنية فيه من الإثبات للمكانة العظمى لرسولنا صلى الله عليه وسلم مكانة لا يرقى إليها أحد من الخلق كائناً من كان، إلا أنها في نفس الوقت لا تعطيه صلى الله عليه وسلم أي حظ من الألوهية أو الربوبية فالألوهية والربوبية، كمالها وتمامها لله جل وعلا وحده لا شريك له فيها أبداً.