الوقفة الأخيرة في سورة مريم مع قول الله جل وعلا:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا}[مريم:٤١ - ٤٤].
أنبأ الله في هذه الآيات عن الدعوة والسبيل الذي اتخذه نبي الله جل وعلا إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
وإبراهيم عليه الصلاة والسلام عبد اصطفاه الله وما من أصحاب ملة إلا وزعموا أن إبراهيم منهم, فاليهودية زعمت ذلك، والنصرانية زعمت ذلك، حتى إن أهل الإشراك زعموا أن إبراهيم منهم، والله جل وعلا نزهه عن ذلك كله:{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[آل عمران:٦٧]، ونبينا صلى الله عليه وسلم في عام الفتح عندما دخل الكعبة وجد المشركين قد وضعوا صورة إبراهيم وصورة إسماعيل وهما يستقسمان بالأزلام، فقال عليه الصلاة والسلام:(قاتلهم الله! ما لشيخنا وللأزلام)، ثم تلا:{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا}[آل عمران:٦٧]، إلى آخر الآية.