ومع كونهم بشراً إلا أن الله تبارك وتعالى ميز هؤلاء البشر -أي: الرسل- ميزهم بأمور تختلف عن غيرهم من البشر، أي: لا يمكن أن تكون في بشر سواهم، وإن كان لابد من القول أنه وإن ميزهم الله بأمور سيأتي ذكرها إلا أن هذا التمييز لا يخرجهم عن كونهم بشراً، ولا يعطيهم من صفات الألوهية ولا الربوبية شيئاً، فهم كما أخبر الله جل وعلا:{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}[الكهف:١١٠].
ومما ميز الله جلا وعلا به أنبياءه ورسله وحيه تبارك وتعالى إليهم، فوحي الله جل وعلا إلى أنبيائه ورسله هو الفرق بين جهد الأنبياء والمرسلين وبين جهد المصلحين من غير المرسلين، فإن رسل الله لا يعتري قولهم خطأ ولا كذب ولا افتراء، {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم:٤].
أما جهد المصلحين والأخيار على مرّ الدهور فإنه لا يمكن أن يسلم من الخطأ؛ لأنهم وإن كانوا مأجورين على ما فعلوه وعلى ما اجتهدوه إلا أن اجتهادهم قد يكون خطأ، وأما أنبياء الله ورسله فهم معصومون في التبليغ عن الله تبارك وتعالى.