ومن أسباب رحمة الله: رحمتنا بمن حولنا، قال صلى الله عليه وسلم:(من لا يرحم لا يرحم)، وقال:(ارحموا من الأرض يرحمكم من في السماء)، ومن تأمل بعض الأحاديث النبوية لا في جانب الأمر بل في جانب النهي؛ تبين له كيف أن الإسلام على لسان نبيه عظم مسألة الرحمة، فقد ثبت في الصحيح من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم:(نهى عن ضرب الوجه)، وحتى الدواب نهى صلى الله عليه وسلم أن توسم في وجهها، وكذلك نهى صلى الله عليه وسلم أن يضرب أحد من الخلق في وجهه.
وشرع الإسلام لنا أن نؤدب زوجاتنا إن لم ينفع معهن الوعظ ولا هجر المضاجع، فقال الله:{وَاضْرِبُوهُنَّ}[النساء:٣٤]، واتفقت كلمة الفقهاء على أنه ضرب غير مبرح، ولا يمكن أن يصيب الوجه أبداً، وأولئك الذين يبحثون عن قوام الشخصية في ضرب نسائهم خاصة أولئك الذي يضرب أحدهم زوجته أمام أبنائها وبناتها، فيريد أن يقيم بيتاً وهو في الحقيقة إنما يزرع في قلوب أبنائه وبناته غلاً وحقداً.
إن ابناً رأى منظراً كهذا من أبيه قد يصعب عليه -إلا من رحم الله- أن يترحم على أبيه بعد مماته، لكن المؤمن العاقل الذي يعرف عناية الإسلام بجانب الرحمة يعرف أنه لا يمكن أن يقع منه أن يهين أحداً أمام من له في أعينهم نظر ومكانة، وإنما إذا ابتليت بشخص بين من يحبونه ويجلونه فأجله وأحبه، لا يكن في قلبه أن تتشفى بمسلم وأن تريد أن تذله وتهينه على مرأى من الناس.
نعود فنقول: إن من أعظم أسباب موجبات رحمة الله رحمتنا بمن حولنا: (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).