[الالتزام بالهدي النبوي في احترام الآخرين وإجلالهم]
إن احترام الغير أمر مطلوب به الشرع، فـ أبو بكر رضي الله تعالى عنه وأرضاه لما دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم تأخر، فقال له عليه الصلاة والسلام: (يا أبا بكر! ما منعك أن تثبت إذ أمرتك قال: ما كان لـ ابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم).
ومع ذلك كم ترى في الناس اليوم من لا يعرف رحمة للصغير، ولا توقيراً للكبير.
إن العلماء الربانيين والمسلمين الصادقين يحترم بعضهم بعضاً، لا لشيء إلا تأسياً بهدي محمد صلى الله عليه وسلم؛ ونحن ننقل من أرض الواقع: فقد كنا في العام الماضي مع الشيخين عبد العزيز بن باز ومحمد بن عثيمين حفظهما الله، فكانت هناك محاضرة للشيخ محمد في مسجد الشيخ عبد العزيز في مكة، فالمحاضرة معلن عنها أنها للشيخ محمد بن عثيمين فلما جلس الشيخ على الكرسي كان أول الحضور بين قدميه الشيخ عبد العزيز بن باز رغم أنه حفظه الله مفتي الأمه، فتحرج الشيخ محمد أن يتحدث، لكنه غلب عليه فتحدث.
فلما أكمل محاضرته جاءته الأسئلة، فقال: أحيلها إلى الشيخ، فقال الشيخ عبد العزيز: إنما كتبت لك، والله ما كنت لأجيب وأنت حاضر، فحلف الشيخ عبد العزيز على الشيخ محمد أن يجيب هو، فاستحيا الشيخ محمد وأخذ يجيب، وكأنه لم يستطع أدباً فأجاب على سؤال أو سؤالين ثم قال لفرط ذكائه: هذا سؤال يحتاج إلى تعقيب من الشيخ عبد العزيز، فلو عقبت! فعقب الشيخ عبد العزيز، فلما انتهى قال الشيخ محمد: الآن لا أتكلم بعد ذلك، وقد أجاب الشيخ ابن باز.
فهذا مثال واقعي شاهدته بعيني وأنقله لك يا أخي! وربما نقله لك غيري، لكن المقصود أنه ينبغي على المؤمن أن يحترم ويوقر من هو أكبر منه، وبالأخص الوالدين.
من الناس اليوم من تسأله: أين أبوك؟ فيؤشر وكأنه يؤشر على رجل في قارعة الطريق، ويتكلم عن أبيه وكأنه يتكلم عن مرءوس بين يديه.
ينبغي للإنسان أن يعلم أن هذه الآداب الاجتماعية أصل من أصول دين الله جل وعلا، أمر الله بها، ودعا إليها، وطبقها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فاحترام المسلمين أياً كانت جنسياتهم، وأياً كانت دولهم، وأياً كانت منازلهم؛ أمر جاء به الشرع، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع: (كلكم لآدم وآدم من تراب)، ولما أراد أن يبعث جيشاً إلى الروم أمر عليه أسامة بن زيد رغم أن في القوم أبا بكر وعمر.
هذا أيها المؤمنون! ما أردنا بيانه، ونعتذر عما أخللنا به، لكن الذي ينبغي أن يصل إلى قلبي وقلبك أيها المؤمن! أن نعاهد الله جل وعلا على أن نكون صادقين في محبتنا لرسولنا صلى الله عليه وسلم، وأن نلتزم هديه، وأن نتبع سنته، وأن نكون على قلب لا يعرف إلا الله، ولا يحب إلا الله، ثم يحب من أمر الله جل وعلا بحبه.
كما يجب أن يسلم المسلمون جميعاً من ألسنتنا همزاً ولمزاً: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، وأن يسلم المسلمون جميعاً من قلوبنا، فلا يكون فيها غل ولا حسد ولا بغضاء.
نعلم أن هناك منكرات ومعاصي لن نستطيع أن نتخلص منها، فنسأل الله جل وعلا أن يعيننا على أن تخلص منها.
نرقب الله جل وعلا فيما نقول ونفعل، ونرجوه جل وعلا أن يرحمنا وأن يرزقنا شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت أنت، الواحد الأحد، الفرد الصمد، الحي القيوم، الذي لم يلد ولم يولد، ونسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت رب كل شيء ومليكه، خلقت السماوات السبع وما أظلت، وخلقت الأرضين السبع وما أقلت، تبدئ وتعيد، وأنت على كل شيء شهيد، أرجعت يوسف إلى أبيه، ورددت موسى إلى أمه، وجعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم، وسعت كل مخلوق عزة وحكمة، ووسعت كل شيء رحمة وعلماً، نسألك اللهم باسمك الأعظم وبوجهك الأكرم يا حي يا قيوم! أن تصلي على محمد وعلى آله، وأن ترزقنا جواره في جنات النعيم، اللهم ارزقنا جوار نبينا صلى الله عليه وسلم في جنات النعيم.
اللهم ارزقنا جوار نبينا صلى الله عليه وسلم في جنات النعيم، اللهم أحينا في هذه الدنيا على هديه وسنته، وأمتنا اللهم مخلصين على ملته، اللهم وابعثنا تحت لوائه وفي زمرته، اللهم وأوردنا حوضه وارزقنا شفاعته، اللهم واختم لنا بخير واجعل مآلنا قربه في جناتك يا رب العالمين! اللهم إن لم نكن أهلاً لأن ترحمنا فإن رحمتك أهل لأن تسعنا، اللهم إن لم نكن أهلاً لأن ترحمنا فإن رحمتك أهل لأن تسعنا، اللهم إن لم نكن أهلاًَ لأن ترحمنا فإن رحمتك أهل لأن تسعنا.
اللهم وردنا جميعا رجالاً ونساءً إلى دينك وهديك، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبنا على دينك، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبنا على دينك، اللهم إننا بشر يعرض علينا من الفتن ما يحيد بنا عن طريقك، اللهم ثبتنا على كل حال، اللهم إن حدنا عنك فردنا إليك يا رب العالمين! سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.