ممن يحرم من دخول الجنة وإن كان من الموحدين: الظلمة من العباد، قال صلى الله عليه وسلم:(صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس)، قال بعض العلماء: وإنهم في زماننا هذا.
قال صديق حسن خان رحمه الله: بل هم في كل الأمصار والأعصار، وغالباً ما يكونون من ذوي الجاه والقدرة والأعيان الذين يكون لديهم أعوان وقدرة على الظلم، ومعهم ما معهم يضربون به الخلق.
إن الظلم أيها المؤمنون حرمه الله على نفسه وجعله بين عباده محرماً، ولأن تلقى الله بكل ذنب دون الشرك أهون من أن تلقاه بظلمك لعباد الله تبارك وتعالى، قال سبحانه:{وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ}[هود:١١٣].
جاء رجل إلى مالك رحمه الله فقال: يا أبا عبد الله! إنني أعمل عند أناس ظالمين: يظلمون الناس ويجلدونهم بغير وجه حق، وأنا أعمل عندهم خياطاً أحيك لهم الثياب أفأنا من الذين ركنوا إلى الذين ظلموا؟ فقال مالك رحمه الله: بل أنت منهم، فقال: يا مالك؟ ومن إذاً الذين ركنوا إلى الذين ظلموا؟ قال: يا أخا العرب! الذين ركنوا إلى الذين ظلموا من باعك الخيط الذي تخيط به لهؤلاء.
فالمؤمن يتحرر من كل ما فيه ظلم للعباد، وقد يظن إنسان إن الظلم إنما يكون محصوراً في فئة من الناس، وهذا غير صحيح، فكل من كان تحت يدك وجعل الله جل وعلا لك سلطة عليه فظلمته وبخسته حقه: من زوجة، أو ولد، أو طالب في المدرسة، أو موظف تحت إدارتك، أو أجير، أو عامل، أو خادمة أو سائر ذلك، فظلمته ونهرته وضربته بغير وجه حق دخلت فيمن قال فيهم صلى الله عليه وسلم:(صنفان من أهل النار لم أرهما).