ولد عليه الصلاة والسلام بعد أن مات أبوه وهو حمل في بطن أمه، فتعلق بأمه، فما أن تعلق بتلك الأم وبلغ من العمر ست سنين حتى توفيت تلك الأم؛ ليتعلق صلى الله عليه وسلم -شأنه شأن أي يتيم الأبوين- بجده، لكن ذلك الجد لم يمكث راعياً إلا سنتين أخريين، فمات فكفله عمه أبو طالب، ثم من الله جل وعلا عليه على رأس الأربعين بأن ختم به النبوات، وأتم به الرسالات، فقال له جل وعلا:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}[العلق:١ - ٥].
ولم يكلفه ببعثة ولا برسالة، ثم أنزل عليه بعد أن رجع إلى دار خديجة متزملاً في ثيابه يقول:(دثروني دثروني) أنزل الله عليه: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ}[المدثر:١ - ٢] وقال له: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}[الشعراء:٢١٤] فأنذر عشيرته الأقربين، ثم توالى التكليف:{لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا}[الشورى:٧] فأنذر أم القرى ومن حولها، فزاد التكليف:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}[سبأ:٢٨] صلوات الله وسلامه عليه.
الحديث عنه يجول ويحول وإن كان مكرراً، فيؤثر في النفوس وإن كان معروفاً، وليس المتحدث عنه يستطيع أن يقول شيئاً جديداً، ولكنه يستطيع أن يحيي قلوباً ميتة بسيرته العطرة وأيامه النضرة صلوات الله وسلامه عليه.
والقرآن أعظم ما من الله به على نبينا صلى الله عليه وسلم.
جاء النبيون بالآيات فانصرمت وجئتنا بحكيم غير منصرم آياته كلما طال المدى جدد يزينهن جلال العتق والقدم أخوك عيسى دعا ميتاً فقام له وأنت أحييت أجيالاً من الرمم صلوات الله وسلامه عليه.