فلما توفي صلوات الله وسلامه عليه تذكر من كان حياً بعده أيامه صلوات الله وسلامه عليه، فجاء أبو بكر إلى المنبر، وكان أبو بكر يعلم أن هذا المنبر طالما جلس وقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستحيا أن يجلس في المكان الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس فيه، فنزل درجة ثم خطب في الناس قائلاً: إنكم تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قام مقامي هذا فقال.
فغلبته عيناه، ولم يستطع أن يكمل.
ثم أعاد العبارة فغلبته عيناه فلم يستطع أن يكمل، ثم أعادها فغلبته عيناه فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله ما أعطى أحداً شيئاً أعظم من العفو والعافية، فسلوها الله عز وجل) ثم أتم حديثه رضي الله عنه وأرضاه.
فإذا قدر لأحدهم أن تدنو ساعة رحيله قال: غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه، صلوات الله وسلامه عليه.
وكان بلال يقدم بين الحين والآخر من الشام إلى المدينة، فإذا قدر له أن يرفع الأذان ومر على قوله:(أشهد أن محمداً رسول الله) ارتجت المدينة بالبكاء؛ لأن أذان بلال ذكرهم بالحبيب صلوات الله وسلامه عليه.