وإذا كان المؤمن ذا إنصاف فإن أول ما ينبغي عليه هو أن يتأسى بالأخيار، ولا جيل أمثل ولا رعيل أكمل من أصحاب محمد صلوات الله وسلامه عليه، ثم التابعون بإحسان من أهل القرون المفضلة، وقد ضرب أولئك الأخيار المثل العليا في محبتهم لنبينا صلى الله عليه وسلم، في محبتهم له حال حياته، ومحبتهم له بعد وفاته صلوات الله وسلامه عليه.
ولا يمكن لأحد أن يستشهد بأحد قبل سيد المسلمين أبي بكر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فلقد كان لـ أبي بكر النصيب الأعلى والحظ الأوفر من كل خير في الأمة؛ لأن إيمانه -كما نص الشرع- عليه يعدل إيمان الأمة كلها، فقد قدم ماله ونفسه وما ملكته يداه وجاهه إجلالاً لله ومحبة لرسوله صلى الله عليه وسلم، فتأتي حادثة الهجرة وينال أبو بكر شرف الصحبة، فيمضي مع نبينا عليه الصلاة والسلام في الطريق، فيرى منه النبي عجباً، فتارة يتقدم، وتارة يتأخر، وتارة يأتي عن اليمين، وأخرى عن الشمال، فيقول له صلى الله عليه وسلم:(ما هذا يا أبا بكر؟! فيقول: يا نبي الله! أذكر الرصد فأمشي أمامك، وأخاف عليك الطلب فأمشي خلفك، وأتوجس من الكمين فأكون تارة عن يمينك وتارة عن شمالك).