[سحب السفير السعودي من الدنمارك بعد حادثة الاستهزاء]
المقدم: ما قامت به عدد من وسائل الإعلام في المملكة العربية السعودية المباركة بإذن الله تبارك وتعالى التي لا نقول فيها أكثر من حقها ولا أقل من حقها, ولكن وصلني الآن من الزملاء أن هنالك خبراً يسعد ويثلج الصدر، وهو ما تناقلته وكالة الأنباء السعودية وبعض وكالات الأنباء بأن السفير السعودي في الدنمارك قد سحب هذا اليوم في إشارة سياسية إلى الغضبة الحاصلة حقيقة عند الجهات المسئولة والجهات السياسية, ونحمد الله على هذا, وهو أيضاً ما عهدناه وتعودناه من هذه الدولة المباركة.
وبهذا نقول: إن رقابنا حقيقة وأجسادنا وكل حياتنا فداء لهذا الدين ثم فداء لأوطاننا المسلمة، أوطاننا الصادقة مع الله سبحانه وتعالى, والصادقة مع شعوبها في أن تعيش معهم، وقد وعدنا مليكنا عندما تولى الحكم وبايعناه أن يسمع منا وأن يكون دستوره القرآن وشرعه شرع محمد صلى الله عليه وسلم، فأحسن الله إليهم, وأسأل الله أن تكون هذه الخطوة بادرة لبقية المسلمين في كل مكان أن يعبروا عن موقفهم الداعم لرسولهم صلى الله عليه وسلم الذي لا نعتبره دعماً حقيقة, لأنهم يدعمون أنفسهم ويدعمون مشاعر شعوبهم التي تأثرت عقب هذه الفعلة الشنيعة، فما تعليقكم على قضية سحب السفير؟ الشيخ: إننا دائماً نقول: تحرير المسائل يعين على فهمها, فنحرر قضية سحب السفير فنقول: أهل الإنصاف والعقل والروية والحكمة عندما يضعون ثقتهم في عاقل رشيد مسلم لا يزايدون على إسلامه، فعندما يتأخر التصرف أو لا يأتي ذلك التصرف, أو يأتي مخالفاً لما توقعوه, فإنهم على ثقة أن هذا الذي وضعوا فيه ثقتهم وأمانتهم يحمل الهم الذي يحملونه، لكنه رأى رأياً غير الرأي الذي رأوه.
هذا الأمر مهم جداً في فهم الأمور, فنحن ثقتنا في ولي أمرنا قبل سحب السفير إذا ثبتت, وبعد سحب السفير واحدة, لأن القرار يختلف من شخص إلى شخص, والمسائل العامة يكفينا فيها أن نضع الثقة في الموطن الصحيح, فإن وضعنا الثقة في الموطن الصحيح فلا نتصرف عنه, إذا تصرفنا نحن نيابة عنه إذاً فلا حاجة لوضعه.
لكن نترك لكل صاحب مقام الطريقة التي يتعامل بها مع الحدث, فتأخير سحب السفير إلى هذا اليوم يمكن تأويله بأنه قضية انقطاع آخر الطرق الدبلوماسية، لأنه ثمة مساع هددت بسحب السفير لم يتوقع المسئولون الدنماركيون سحب السفير, وقد تأتي خطوة أخرى, إلى أشياء عديدة.
لكن الذي يهمني في قضيتي أنني كأي فرد مسلم أحمل الحب للنبي صلى الله عليه وسلم، وينبغي أن أعلم أن علماء المسلمين ودعاة المسلمين وولاة المسلمين الناصحين المعروفين يحملون نفس الهم, فإن كنت أرى رأياً يجب تنفيذه اليوم, فقد يرى غيري أن المصلحة عدم تنفيذه اليوم.
فتكون هناك نظرة إنصاف لبعضنا البعض, فمع ذلك بعض الفضلاء يأتي ويقول: الشيخ فلان ما تكلم, والمؤسسة الإسلامية إلى الآن لم تحدد موقفها، ومجلس كذا لم ينعقد, وسماحة المفتي أو ولي الأمر ما أصدر بياناً, وغير هذا! وهو لا مزايدة على إسلام هؤلاء, ولا ينبغي أن نتكلم كلاماً نشعر فيه الناس بأننا وحدنا الغيورون على الدين, وغيرنا غير غيور، أو أنا وحدنا نحمل هم الذب عن الدين وغيرنا لا يهتم.
فنحن نعلم أننا لسنا إلا جزءاً من الأمة وأن المسلمين في جميع أنحاء الأرض محبون لنبيهم صلى الله عليه وسلم، ولا يوجد مسلم اليوم في جميع أصقاع الدنيا راض عن سب نبيه صلى الله عليه وسلم.
ولكن القدرات والأماكن والمواطن تختلف، فمن الناس من ينطقه مكانه, ومن الناس من يكون كلامه له عواقب غير كلام غيره.
وبعد صلح الحديبية كان أبو بصير يفعل ويصنع لأنه كان غير مرتبط بعقد مع أهل الإشراك, أما النبي صلى الله عليه وسلم فكان يأتيه الرجل مسلماً فيرده لأن نصوص الحديبية تحكمه بوصفه زعيماً للأمة.
فكل إنسان عنده مساحات للحديث مساحات للدفاع وقيود تختلف من شخص إلى آخر, فالقيود التي عندك ليست عندي, والمساحات التي تملكها لا أملكها أنا, لكن المهم أنه لا ينبغي لأحد أن يعتقد في نفسه أنه الأوحد في الغيرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأن الناس مقصرون، فلا نخاطبهم بهذه المنطقية, لكننا نحسن الظن, ونتمنى أن ينصر الله جل وعلا دينه, ونحن على ثقة كما قال الشيخ صالح بن حميد، يقول الله لنبيه: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر:٩٥] وقال: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} [الكوثر:٣].
وأنا هنا أذكر مقالاً في جريدة الوطن للدكتور علي سعد الموسى , له زواية اسمها ضمير المتصل, ذكر في عنوانها: اطردوا سفراء الزبدة, على أساس أن الدنمارك دولة معروفة بالزبدة.
وأقول: المقال كان قوياً جداً ينم عن محبة عظيمة للنبي صلى الله عليه وسلم، ويطرح المقال رؤية جيدة في التعامل مع الحدث, لكنها تبقى مقالة رجل أكاديمي, أي: رجل يؤدي ما عليه من موقعه الإعلامي, لكن لا نستطيع أن نعمم كل مطلب على كل أحد, فهذا مهم جداً في فهم القضية.