بقيت واحدة: وهي أن الإنسان يسأل الله جل وعلا التوفيق في غدوه ورواحه، فوالله لن يقدر أحد أن يعبد الله كما أراد الله، قال الله جل وعلا:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ}[الكهف:٢٨].
قال بعض أهل العلم: إنهم إذا أصبحوا سألوا الله التوفيق، وإذا أمسوا استغفروا الله جل وعلا من التقصير، فهم ما بين سؤال الله أن يوفق ويعين وييسر، وما بين استغفار الله أن يسد الخلل، ويغفر الذنب، ويتجاوز عن الزلل، وربك على هذين قادر، {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ}[الأنعام:١٠٢]، كما بين جل وعلا في كلامه وكتابه.
أيها الإخوة المباركون، طول الكلام ينسي بعضه بعضاًَ، وهذا ما تيسر قوله في هذا المقام المبارك.
وما تبقى من الوقت نجعله للأسئلة، على أنني في المقام الأول أقول قبل أن أنهي: إن الله يقول: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ}[التوبة:١٨]، فنسأل الله جل وعلا أولاً أن يتقبل من الملك فهد -رحمه الله رحمة واسعة- بناء هذا المجمع الذي صلينا فيه، وأقمنا المحاضرة فيه، ولم يقتصر نفعه على إقامة الصلوات وإلقاء المحاضرات، وفي هذا عبرة أن الملك رحمه الله مات وزال ملكه، لكن المسجد الذي بناه لله لم يزل باقياً، فكل ما كان لله يبقى، وأما عطايا الله جل وعلا لعباده دنيوياً فإنما هي متاع إلى حين، هذا أولاً.
الأمر الثاني: أشكر لأخي سعادة المحافظ فضله وخلقه وكرمه وحضوره المحاضرة الدال على نبل أخلاقه وإسلامية منهجه، وفي هذا تشجيع للناس؛ لأن الناس إذا كان سادتهم ووجهاؤهم والقائمون بالأمر فيهم يتقدمون إلى الخيرات تأسوا بهم، كما أسأل الله جل وعلا أن يشكر الشيخ حسين، وجميع المعنيين في اللجنة الثقافية على حسن ظنهم بأخيهم وكريم دعوتهم.
وأسأل الله جل وعلا لهذه الوجوه الطيبة التي أراها والتي لم أرها من أخواتنا المؤمنات المكتسيات بحلل الحياء والحجاب، أسأل الله لنا جميعاً أن يحرم وجوهنا على النار، وأن يجعل مجلسنا هذا شاهداً لنا يوم نلقاه، وأن يعيذنا جل وعلا من أن نريد بقولنا أو أي شيء نصنعه أحداً غيره جل وعلا، وأن يجعلنا ممن خلصت نيته، وسدد الله قوله، وأصلح الله عمله، إن ربي لسميع الدعاء.
هذا ما تيسر، وعفواً إن أطلت، وعذراً إن قصرت، فما أردت إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.