وأما الحسين فإنه مكث إلى عام واحد وستين، وهي السنة التي تولى فيها يزيد بن معاوية أمر المسلمين، فلما تولى يزيد كان الحسين يرى أن لا ولاية لـ يزيد، وهذه أمور لا تقال لكل أحد، ولا تنشر للعامة، ولا تعنينا في حديثنا، وإنما الذي يعنينا في الحديث مكانة الحسين عند رسولنا صلى الله عليه وسلم.
فخرج الحسين رضي الله عنه وأرضاه من مكة يريد الكوفة لما بعث له أهل العراق أن ائت إلينا فإنا سننصرك، وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقيها، فلما علم بخروجه تبعه على مسيرة يومين أو ثلاثة، فلما لقيه قال: يا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم! إنهم لن ينصروك.
فلما ألح الحسين على الخروج قال له ابن عمر -وهذا من فقهه-: إن جبريل أتى النبي عليه الصلاة والسلام فخيره بين أمري الدنيا والآخرة، فاختار عليه الصلاة والسلام أمر الآخرة وأنت بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن تنال من الدنيا شيئاً ولكن الحسين -ليجري قدر الله- لم يأخذ بنصيحة ابن عمر، ومضى حتى وصل إلى واد الطف في كربلاء من أرض العراق، فكان مقتله في يوم الجمعة في العاشر من محرم لعام واحد وستين من الهجرة رضي الله عنه وأرضاه، وقتل بعد أن أحجم الناس عن قتله قليلاً، وقتل إخوته الأربعة، ثم قتل اثنان من أبنائه علي الأكبر وعبد الله، وبقي علي الأصغر المعروف بـ زين العابدين، وكان مريضاً فلم يستطع أن يخوض المعركة مع أبيه، فتنحى جانباً، ثم أخذ الناس بين إقدام وإحجام، ثم دلهم أحد الأشرار على أن يقتحموا الأمر فقتلوه رضي الله عنه وأرضاه وهو صائم في اليوم العاشر من المحرم.
جاءوا برأسك يا ابن بنت محمد متزملاً في دمائه تزميلاً وكأنما بك يا ابن بنت محمد قتلوا جهاراً عامدين رسولا قتلوك عطشاناً ولم يترقبوا في قتلك التنزيل والتأويلا ويكبرون بأن قتلت وإنما قتلوا بك التكبير والتهليلا