الوقفة الأخيرة مع قول الله جل وعلا في كليمه موسى:{وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي}[طه:٣٩].
الله جل وعلا يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد، ويبتلي في المنع كما يبتلي في العطاء، ونبي الله موسى ألقته أمه في اليم خوفاً عليه، وهو من حيث العقل لا يستقيم، لكنه أمر الله تبارك وتعالى.
فلما حملت الأمواج موسى إلى قصر فرعون ورأته آسية بنت مزاحم ألقى الله جل وعلا محبة موسى في قلبها فكان ذلك أحد الأسباب في بقائه واستمرار حياته بقدر الله جل وعلا، قال الله جل وعلا:{وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي}[طه:٣٩]، فلا يرى موسى عبد ذو إنصاف إلا وأحبه مما ألقى الله جل وعلا عليه.
وهذا أيها الأخ الكريم! مطلب عظيم يطلبه عباد الله وأولياؤه وقد ذكر الله جل وعلا شرطه، قال الله تعالى في سورة مريم:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا}[مريم:٩٦]، فسر الود بأنه ما يجده الإنسان في قلوب المؤمنين من محبة وود له، وهذا لا ينال إلا بالإيمان والعمل الصالح، وقلوب العباد ليست لهم حتى يهبوك إياها.
فمن وصل ما بينه وبين الله تكفل الله جل وعلا له بعد ذلك بكل مناه وكل غاياته وكل رغباته.
والغاية من ذلك أن تعلم أن من أعظم العطايا وأجزل الهبات أن يمن الله عليك بمحبة الناس، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالإيمان والعمل الصالح، وهذا يسوقنا إلى بعض ممن كان يحبهم نبينا صلى الله عليه وسلم.