للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معاني لفظة (أم) في اللغة والقرآن]

معنى قول الله: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف:٤] نبدأ باللغويات: (الأم) في اللغة: إزاء الأب، وتطلق في حقيقتها على الوالدة التي ولدت، ثم انتقل إلى إطلاقها على أكثر من ذلك، فتطلق على الوالدة القريبة وهي أمك مباشرة، وعلى الوالدة البعيدة مثل الجدات، ولهذا يقال عن حواء: أمنا؛ لأنها ولدتنا أجمعين، وإن كانت ولادة غير مباشرة.

وبعض اللغويين كـ الخليل بن أحمد يقول: إن الأم كل شيء ضم إليه ما حوله، هذا من الناحية اللغوية.

وأما كلمة (أم) في القرآن: فوردت على معانٍ عدة، نذكر بعضاً منها: وردت بمعنى (الأم) التي ولدتك، ومنه قول الله تعالى: {فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ} [طه:٤٠]، ولا ريب أن أم موسى هي التي ولدته.

وورد في القرآن لفظ (الأم) بمعنى أصل الشيء، قال الله تبارك وتعالى: {هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آل عمران:٧] أي: أصل الكتاب.

وجاءت بمعنى (المآل)، قال الله تعالى: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} [القارعة:٩] أي: منقلبه إلى الهاوية.

وجاءت بمعنى (الظئر)، وهي المرضعة، قال الله جل وعلا: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء:٢٣] فليست أمك التي ولدتك، وإنما هي المرضعة.

وجاءت الأم مقصود بها مكة، قال الله جل وعلا: {لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى} [الشورى:٧].

وأم الكتاب هي الفاتحة.

وأطلق كذلك في القرآن على أمهات المؤمنين اللاتي هن أزواج نبينا صلى الله عليه وسلم.

هذا معنى كلمة (أم) في اللغة على وجه التوسع؟ قال الله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف:٤]، وللعلماء رحمهم الله قولان في معنى الآية: قول يقول: معنى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف:٤] أي: أن هذا القرآن منسوخ في اللوح المحفوظ، أي: مكتوب في اللوح المحفوظ، ويدل عليه قول الله جل وعلا: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة:٧٥ - ٧٩].

وقوله جل وعلا: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس:١٥ - ١٦]، هذه شواهد.

وقال آخرون: ليس المقصود: أنه منسوخ في اللوح المحفوظ، وإنما المقصود: أن ذكره في اللوح المحفوظ ذكر عليّ وجليل، والمعنى الأول -والعلم عند الله- أقرب إلى الصواب.