يقول نبينا صلى الله عليه وسلم:(من صلى الفجر فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله بشيء من ذمت).
إن أعظم ما يقف به المؤمن على هدي محمد صلى الله عليه وسلم أن يعلم أن النبي عليه الصلاة والسلام مات وهو محافظ على هذه الصلاة وغيرها أعظم محافظة، حتى إنه قال في السنة القبلية التي قبلها:(ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها)، وإن من أعجب العجب أن يفقد الإنسان حياءه من ربه جل وعلا فيسهر على لهو محرم أو يمكث على الفساد أياً كانت صوره الليل كله حتى إذا دنا الفجر نام، فإذا أصبح لعمله أو تجارته أو غير ذلك خرج يرجو الرزق ولا رزق إلا من الله، ويرجو أن يأمن العواقب ولا حافظ إلا الله، ويرجو أن يوفق ويسدد فيما يقول ويفعل والمسدد والموفق والمعطي والمانع الله، فيطلب ما عند الله وقد عصاه من قبل وفرط في أعظم فرائضه، يقول الله تبارك وتعالى:{أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَكُمْ يَنصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ * أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ * أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الملك:٢٠ - ٢٢].
إن من أعظم دلائل النجاح وأسباب الفلاح أن يؤدي الإنسان -إن كان رجلاً- صلاة الفجر في جماعة مع المسلمين، وأن تؤديها المرأة أو الفتاة في وقتها في بيتها ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، فأداء صلاة الفجر نوع من السكينة والاطمئنان وأمان، ويقع بها المؤمن في ذمة الله، وليس المراد بأن يكون المؤمن في ذمة الله أنه لا يصيبه أذى، فهذا لا يمكن أن يثبت عقلاً ولا نقلاً، فإن النبي عليه الصلاة والسلام صلى الفجر يوم أحد ومع ذلك كسرت رباعيته وشج رأسه وأدمي عليه الصلاة والسلام، ولكن المقصود أن الإنسان إذا بقي يبقى على خير وعافية، وإن قبض يقبض وقد كان في ذمة رب العالمين جل جلاله، والله تبارك وتعالى خير الحافظين.
وكل سبب أدى إلى المحافظة عليها يجب أن يسعى المؤمن إليه، وكل سبب أعاق عنها أو حرم منها أو منعها فيجب على المؤمن أن ينأى بنفسه عنه؛ لأنه لا جمع بين الاثنين، فلا يمكن أن يتم الأمران، فالله تبارك وتعالى خلق الناس منهم مؤمن ومنهم كافر، وبين لعباده النجدين، وأداء صلاة الفجر جماعة من أعظم أسباب التوفيق.