فهذه آية واحدة تبين ما لله جل وعلا من نعوت الجلال وصفات الكمال، وأنه سبحانه وبحمده هو الرب الواحد الكبير المتعالي، وقد بيَّن الله جل وعلا ماله تبارك وتعالى من جليل العظمة وعظيم الصفات في آيات عدة منثورة في القرآن العظيم، كأول سورة الحديد، وخواتيم سورة الحشر، وآية الكرسي والفرقان، وغيرها من السور، والمقصود من هذا جملة أن وجل القلوب من الله لابد يسبقه علم بالله، ولهذا قال السلف: من كان بالله أعرف كان من الله أخوف، وقال صلى الله عليه وسلم:(مررت ليلة أسري بي وجبريل كالحلس البالي من خشية الله) والذي جعل جبريل بهذا المقام أو بهذه الحالة علمه بربه تبارك وتعالى، والإنسان كلما ازداد علماً بالله وبأسمائه وصفاته كان أكثر وجلاً وأعظم رجاءاً وأشد محبة لله، قال سبحانه:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}[البقرة:١٦٥] وجاء في حديث داوود أنه كان يقول: (اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك، وحب كل عمل يقرب إلى حبك).
والمقصود جملة أن معرفة الرب تبارك وتعالى لها على العبد من الآثار الحميدة والخصال المطلوبة المرغوبة شرعاً ما الله به عليم، ولقد كان لسلف الأمة -نبينا صلى الله عليه وسلم وأصحابه- في هذا أرفع المقامات وأجل العطايا ألحقنا الله بهم ورزقنا الله وإياكم حسن اتباعهم.