[وقفة مع قوله تعالى:(ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب)]
الوقفة السادسة: مع قول الله تعالى: {وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ}[الزخرف:٣٩]، حيث تعنى الوقفة ببيان أحوال النار -أعاذنا الله منها-.
الشيخ: النار هي الخزي الأعظم، وما فر هارب من شيء مثل النار، وكل بلاء دون النار فهو عافية، لأن الخزي الأكبر في النار.
فالمقصود من الآية: أن أهل النار عياذاً بالله محرومون حتى من التأسي.
والتأسي والتسلي أن يرى الإنسان مصيبة غيره فيتعزى بها عن مصيبته، وهذا من أعظم ما يهون مصائب الدنيا، وأي أحد في الدنيا لديه مصيبة لو أراد أن يرى أحداً أعظم منه لوجد، أو أحداً نظيراً له في مصيبته لوجد، تقول الخنساء وقد فقدت أخاها صخراً: يذكرني طلوع الشمس صخراً وأذكره لكل مغيب شمس ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي وما يبكون مثل أخي ولكن أعزي النفس عنه بالتأسي فمن أعظم ما يخفف المصائب: التأسي، وذلك أن الإنسان يتذكر أن مثل هذه المصيبة تقع في غيره، لكن الله جل وعلا يحرم أهل النار عياذاً بالله من هذا، فلا يجدون تأسية، قال الله:{وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ}[الزخرف:٣٩]، مع أن الاشتراك في المصيبة ينفع في الدنيا، لكن عذاب الآخرة -عياذاً بالله- لو اشترك فيه أهل الأرض جميعاً فلا ينفع ذلك فيه، إذاً فالمعنى المقصود من الآية نفي وجود التأسي في أهل النار.