للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مدح حافظ إبراهيم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه]

كما إن ممن أثني عليه ومدح في العصر الحاضر وهو شخصية سابقة ما قاله حافظ إبراهيم رحمة الله تعالى عليه في حق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.

فـ عمر أحد أعلام المسلمين العظام، شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة فقال: (عمر في الجنة).

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح أنه قال: (رأيتني وأنا نائم كأني في الجنة وإذا بقصر جميل وامرأة تتوضأ فسألت: لمن هي؟ فقيل: لـ عمر بن الخطاب، فرجعت لما ذكرت غيرة عمر! فبكى عمر رضي الله تعالى عنه وقال: أمنك أغار يا رسول الله).

فهذا الحديث فيه بيان لما كان عليه هذا الخليفة الراشد من صفات جليلة عظيمة لا تخفى على جل المؤمنين.

وقد صاحب حياة عمر أحداث كبيرة جمعها حافظ في قصيدة عرفت أدبياً بالعمرية، وألقاها حافظ في مدرج وزارة المعارف في القاهرة مساء يوم الجمعة ٨/فبراير عام ١٩١٨م في حفل أقيم لهذه القصيدة بصفة خاصة، وصدرها بقوله: حسب القوافي وحسبي حين ألقيها أني إلى ساحة الفاروق أهديها لاهم هب لي بيان أستعين به على قضاء حقوق نام قاضيها يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها من أين لي ثمن الحلوى فأشريها لا تمتطي شهوات النفس جامحة فكسرة الخبز عن حلواك تجزيها قال اذهبي واعلمي إن كنت جاهلة أن القناعة تغني نفس كاسيها فأقبلت بعد خمس وهي حاملة دريهمات لتقضي من تشهيها فقال نبهت مني غافلاً فدعي هذي الدراهم إذ لا حق لي فيها ما زاد عن قوتنا فالمسلمون به أولى فقومي لبيت المال رديها إن جاع في شدة قوم شركتهم في الجوع أو تنجلي عنهم غواشيها جوع الخليفة والدنيا بقبضته في الزهد منزلة سبحان موليها فمن يباري أبا حفص وسيرته أو من يحاول للفاروق تشبيها وراع صاحب كسرى أن رأى عمراً بين الرعية عطلاً وهو راعيها فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملاً ببردة كاد طول العهد يبليها فهان في عينه ما كان يكبره من الأكاسر والدنيا بأيديها فقال قولة حق أصبحت مثلاً وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها أمنت لما أقمت العدل بينهم فنمت نوم قرير العين هانيها وفتية أولعوا بالراح وانتبذوا لهم مكاناً وجدوا في تعاطيها ظهرت حائطهم لما علمت بهم والليل معتكر الأرجاء ساجيها قالوا مكانك قد جئنا بواحدة وجئتنا بثلاث لا تباليها فأت البيوت من الأبواب يا عمر فقد يزن من الحيطان آتيها واستأذن الناس أن تغشى بيوتهم ولا تلم بدار أو تحييها ولا تجسس فهذي الآي قد نزلت في النهي عنه فلم تذكر نواهيها فعدت عنهم وقد أكبرت حجتهم لما رأيت كتاب الله يمليها وما أنفت وإن كانوا على حرج من أن يحجك بالآيات عاصيها والقصيدة تقع في ١٨٨بيتاً قالها حافظ رحمة الله تعالى عليه كما أنبأنا وهي موجودة في الجزء الأول من ديوانه، رحمة الله تعالى عليه، وإنني لأسأل الله أن يغفر له بكل عمل صالح، وبهذه القصيدة بالذات لما فيها من نشر لمحاسن رجل خدم الأمة، وقدم لها أعظم الأعمال، وهو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.