[محبة المسلمين لرسولهم صلى الله عليه وسلم]
المقدم: المواقف كما ذكرت تتباين, وأيضاً تتباين وجهات النظر والتعاطي والتفاعل مع هذه القضية وغيرها من القضايا، مثل تدنيس القرآن في أماكن عدة في السجون الغربية أو الصهيونية، فيختلف النظر أو الزاوية التي ينظر من خلالها لهذه الإساءات للإسلام.
و
السؤال
برأيكم الشخصي -يا شيخ صالح - ما هو موقع الإسلام في نفوسنا, وما هو موقع المصطفى صلى الله عليه وسلم من ذواتنا ومن صدورنا, حتى وصل بعض من المسلمين إلى درجة أن يستهزأ بالرسول صلى الله عليه وسلم، ويستهزأ بشرائع الدين، ويساء إلى هذا الدين, فلا نجد حقيقة من يقول: إلا رسول الله, أو: إلا كتاب الله، أو غيره؟ الشيخ: عندما نقول: (إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم) كعنوان لهذه الحلقة المباركة إنما هو من باب التعامل مع الواقعة, ولا يوجد تثريب شرعي على العنوان, لكن ليس المقصود به هنا حقيقة الحصر، فلا يفهم أنه يجوز مع غير النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أركان الدين, ولا الله, ولا الدين كله, ولا مزدلفة ولا منى ولا عرفة, ولا أي شيء من شعائر الإسلام، فلا يجوز السخرية والاستهزاء به, هذه مسألة.
أما موقع الإسلام في نفوسنا, أو النبي صلى الله عليه وسلم في قلوبنا: فنحن نؤمن يقيناً أن أي مسلم مهما بلغت معصيته, ما دام راضياً بالإسلام فلابد أن يكون في قلبه ولو مثقال حبة من خردل من إيمان من محبة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أظن أحداً يجادل في هذا.
وقصة شارب الخمر (ما علمته إلا محباً لله ولرسوله) أصل في المسألة.
وقد ذكرت سابقاً أنه كان في فرنسا مقهى فرنسي، وكان يرتاده مسلمان من الجزائر ولهما صديق فرنسي يتعاطون معه الخمر ويسكرون, فإذا سكروا أخذ بعضهم يتقول على أعراض بعض، وجرت العادة على هذا سنين كما ذكر النادل -العامل- الذي يقدم لهما المشروب.
وذات يوم كان من هذا الفرنسي أن سب نبينا صلى الله عليه وسلم، فوقع السب من الجزائريين موقعاً جعلهما يفيقان من سكرهما فضرباه ضرباً غير الذي اعتادا عليه, فلما حضرت الشرطة وذهب بهما إلى التحقيق وجيء بالنادل كشاهد إثبات, قال متعجباً: إن هذا الرجل يقدح أحياناً في زوجاتهم وأخواتهم وأمهاتهم ولا يتكلمون, فقالا: فليقل في زوجاتنا وأخواتنا ما شاء ولا يتكلم في رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما جعل هذا النادل يقرأ كثيراً عن سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم فكانت الحادثة سبباً في إسلامه.
والغاية من هذه القصة ما ذكرته من وجود أصل محبة النبي في قلب كل مسلم.
وقد حرر الشيخان, الشيخ محمد العريفي حفظه الله, والشيخ عائض القرني هذا قبلي في هذه الحملة المباركة, لكن تأكيداً لهذه المسألة أنه لا يتصور أصلاً ممن يؤمن بالله واليوم الآخر ويرجو جنة ويخشى ناراً ألا يكون في قلبه شيء من المحبة لنبينا صلى الله عليه وسلم، بل هو صلى الله عليه وسلم أحب إلينا من كل شيء بعد ربنا تبارك وتعالى.
المقدم: ما هي متطلبات هذه المحبة, وهل يكفي أن أقول: إني أحب الرسول صلى الله عليه وسلم؟ الشيخ: الناس في هذا بين فريقين: فريق يرى أن المحبة مقصورة على الاتباع ولا يكون في قلبه شيء عاطفي متأجج.
وآخرون يرون الاكتفاء بالمحبة ولا يرون الاتباع.
وكلاهما أبعد النجعة، وإن كان الثاني أكثر بعداً.